للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خمس عجر، ففعلت فقال: أين تحبّ أن أضع سهمي، فقلت: في هذا الموضع، فكأنما وضعه بيده، ثم أقبل يرمي حتى أصاب الخمس بخمسة أسهم، فرددت نبلي وحططت قوسي، ووقفت له مستسلما فدنا مني، فأخذ السيف والقوس ثم قال: ارتدف خلفي، وعرف أني الذي شربت عنده اللبن، فقال: ما ظنّك بي؟ قلت: أحسن الظنّ، قال: وكيف ذاك؟ قلت: لما لقيت من تعب ليلتك وقد أظفرك الله بي، فقال: أترانا نهيجك وقد بتّ تنادم مهلهلا؟ فقلت: أزيد الخيل أنت؟ قال: نعم، فقلت: كن خير آخذ، فقال: ليس عليك بأس، فمضى إلى موضعه الذي كان به ثم قال:

أما لو كانت هذه الإبل لي لسلّمتها إليك ولكنها لبنت مهلهل، فأقم عليّ فإني على شرف غارة، فأقمت أياما [١] ، فمضى فأغار على بني نمير بالملح، فأصاب مائة بعير فقال: هذه أحبّ إليك أم تلك؟ قلت: بل هذه، قال: دونكها، وبعث معي خفراء من ماء إلى ماء حتى وردت الحيرة، فلقيني نبطيّ فقال:

أيسرّك أنّ لك بإبلك هذه بكلّ بعير منها [٢] بستانا من هذه البساتين؟ فقلت:

وكيف ذلك؟ قال: هذا قرب مخرج نبيّ يخرج فيملك هذه الأرض ويحول بين أربابها وبينها حتى إنّ أحدكم ليبتاع البستان من هذه البساتين بثمن بعير، قال: فاحتملت بأهلي حتى انتهيت إلى مواطننا، فبينا نحن في الشّيطين على ماء لنا وقد كان الحوفزان بن شريك أغار على بني تميم، فجاءنا خبر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأسلمنا فما مضت أيّام حتى اشتريت بثمن بعير من إبلي بستانا بالحيرة.

«٥١٦» - أسلم أبو خراش الهذلي فحسن إسلامه، ثم أتاه نفر من أهل اليمن قدموا حجاجا [فنزلوا بأبي خراش] والماء غير بعيد عنهم، فقال: يا بني


[١] ر: فأقت أنا.
[٢] بكل بعير منها: سقط من الأغاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>