للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[١١٤]- وقال عليه السلام لرجل سأله أن يعظه: لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير عمل، ويرجىء التوبة لطول الأمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين، إن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة على ما أولي «١» ، ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، يحبّ الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت له «٢» ، إن سقم ظلّ نادما، وإن صحّ أمن لاهيا، يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، إن أصابه بلاء دعا مضطرا، وإن ناله رخاء أعرض مغترّا، تغلبه نفسه على ما يظنّ، ولا يغلبها على ما يستيقن، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله؛ إن استغنى بطر وفتن، وإن افتقر قنط ووهن، يقصّر إذا عمل، ويبالغ إذا سأل؛ أسلف «٣» المعصية وسوّف بالتوبة «٤» ، يصف العبرة ولا يعتبر، ويبالغ في الموعظة ولا يتّعظ، فهو بالقول مدلّ، ومن العمل مقلّ؛ ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما يبقى؛ يرى الغنم مغرما والغرم مغنما؛ يخشى الموت ولا يبادر الفوت؛ يستعظم من معصية غيره ما يستقلّ أكثر منه من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره، فهو على الناس طاعن ولنفسه مداهن؛ اللغو «٥» مع الأغنياء أحبّ إليه من الذّكر


[١١٤] نهج البلاغة: ٤٩٧- ٤٩٩، ونثر الدر ١: ٢٧٧، والمجتنى: ٣٩، وعين الأدب ١:
١٨٩، وسراج الملوك: ١٨٣ وتذكرة الخواص: ١٣٣ وبعضه في البيان والتبيين ٢:
١٠١، وأدب الدنيا والدين: ١١٦، وفي أمالي الطوسي ١: ١١٠، نسبه إلى عبد الله ابن عباس يوصي ابنه عليّا، والبصائر ١: ٣٥٦- ٣٥٧ (باختلاف) وانظر كنز العمال ١٦: ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>