أن الناس فيه على طرفين. فقال كثير منهم بامتناعه منهم الشيخ الرئيس ابن سينا أبطله بمقدمات من كتاب الشفاء والشيخ تقي الدين أحمد بن تيمية صنف رسالة في إنكاره وصنف يعقوب الكندي أيضاً رسالة في إبطاله جعلها مقالتين وكذلك غيرهم لكنهم لم يوردوا شيئاً يفيد الظن لإمتاعه فضلاً عن اليقين. وذهب آخرون إلى إمكانه منهم الإمام فخر الدين الرازي فإنه في المباحث المشرقية عقد فصلاً في بيان إمكانه والشيخ نجم الدين بن أبي الدر البغدادي رد على الشيخ ابن تيميه وزيف ما قاله في رسالة. ورد أبو بكر محمد بن زكريا الرازي على يعقوب الكندي رداً غير طائل. ومؤيد الدين أبو إسماعيل الحسين بن علي المعروف بالطغرائي صنف فيه كتباً منها حقائق الاستشهادات وبين فيه إثباته والرد على ابن سينا. ثم ذكر الصفدي نبذة من أقوال المتبتين والمنكرين وقال قال الشيخ الرئيس نسلم إمكان صبغ النحاس بصبغ الفضة والفضة بصبغ الذهب وأن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص فإما أن يكون المصبوغ يسلب أو يكسى فلم يظهر لي إمكانه بعد إذ هذه الأمور المحسوسة تشبه أن لا تكون هي الفصول التي تصير بها هذه الأجساد أنواعاً بل هي أعراض ولوازم وفصولها مجهولة وإذا كان الشيء مجهولاً كيف يمكن أن يقصد قصد إيجاده أو إفنائه. وذكر الإمام حججاً آخر للفلاسفة على امتناعه وأبطل بعد ذلك ما قرر له الشيخ وغيره وقرر إمكانه واستدل في الملخص أيضاً على إمكانه فقال الإمكان العقلي ثابت لأن الأجسام مشتركة (في) الجسمية فوجب أن يصح على كل واحد منها ما يصح على الكل على ما يثبت وأما الوقوع فلأن انفصال الذهب عن غيره باللون والرزانة وكل واحد منهما يمكن اكتسابه ولا منافاة بينهما نعم الطريق إليه عسير. وحكى أبو بكر بن الصائغ المعروف بابن باجة الأندلسي في بعض تعاليقه عن الشيخ أبي نصر الفارابي أنه قال قد بين أرسطو في كتابه في المعادن أن صناعة الكيمياء داخلة تحت الامكان إلا أنها في (من) الممكن الذي يعسر وجوده بالفعل اللهم إلا أن تتفق قرائن يسهل بها الوجود وذلك أنه فحص عنها أولاً على طريق الجدل فأثبتها بقياس وأبطلها بقياس على عادته فيما يكثر عناده من الأوضاع ثم أثبتها أخيراً بقياس ألفه من مقدمتين بينهما في أول الكتاب وهما أن الفلزات (١) واحدة بالنوع والاختلاف الذي بينها ليس
(١) والمراد بالفلزات الجواهر التى لا تحرقها النار بل تذيبها فاذا فارقتها النار عادت الى حالتها الاولى وهى المتطرقات السبع الذهب والفضة والنحاس والحديد والقصدير والرصاص والخارصينى وهو المعروف بالحديد الصينى يقال له بالتركى روح توتيا (منه).