في ماهياتها وإنما هو في أعراضها فبعضه في أعراضها الذاتية وبعضه في أعراضها العرضية والثانية أن كل شيئين تحت نوع واحد اختلفا بعرض فإنه يمكن انتقال كل واحد منهما إلى الآخر فإن كان العرض ذاتياً عسر الانتقال وإن كان مفارقاً سهل الانتقال والعسر في هذه الصناعة إنما هو لاختلاف أكثر هذه الجواهر في أعراضها الذاتية ويشبه أن يكون الاختلاف الذي بين الذهب والفضة يسيراً جداً انتهى كلامه. وقال الإمام شمس الدين محمد بن إبراهيم بن ساعد الأنصاري إذا أراد المدبر أن يصنع ذهباً نظير ما صنعته الطبيعة من الزئبق والكبريت الطاهرين فيحتاج إلى أربعة أشياء كمية كل واحد من ذينك الجزئين (الجزئيين) وكيفيته ومقدار الحرارة الفاعلة للطبخ وزمانه وكل واحد منها عسر التحصيل وأما إن أراد ذلك بأن يدبر دواء وهو المعبر عنه بالاكسير مثلاً (١) ويلقيه على الفضة ليمتزج بها ويستقر خالداً فيها ويكسوها لون الذهب ورزانته فاستخراج ذلك بالتجربة يحتاج إلى استقراء حال جميع المعدنيات وخواصها وإن استخرجه بالقياس فمقدماته مجهولة ولا خفاء في عسر ذلك ومشقته انتهى. وقال الصفدي زعم الطبيعيون في علة كون الذهب في المعدن أن الزئبق لما كمل طبخه جذبه إليه كبريت المعدن فأجنه في جوفه لئلا يسيل سيلان الرطوبات فلما اختلطا واتحدا وذابت الحرارة في طبخهما ونضجهما انعقد عند ذلك منهما ضروب المعادن فإن كان الزئبق صافياً والكبريت نقياً واختلطت أجزاؤهما على النسبة وكانت حرارة المعدن معتدلة لم يعرض لها عارض من البرد واليبس ولا من الملوحات والمرارات والحموضات انعقد من ذلك على طول الزمان الذهب الأبريز وهذا المعدن لا يتكون إلا في البراري الرملة والأحجار الرخوة ومراعاة الإنسان النار في عمل الذهب بيده على مثل هذا النظام مما يشق معرفة الطريق إليه والوصول إلى غايته.
ويا دارها بالخيف إن مزارها*قريب ولكن دون ذلك أهوال وذكر يعقوب الكندي في رسالته تعذر فعل الناس لما انفردت الطبيعة بفعله وخدع أهل هذه الصناعة وجهلهم وأبطل دعوى الذين يدعون صبغة الذهب والفضة. قال المنكرون لو كان
(١) الاكسير دواء دبره الحكماء ويلقونه الى الجسد الذائب حال كونه منفعلا بالذوبان فاحاله الى طبيعة الشمس والقمر كاحالة السم مما وصل من الجسد الى الفساد الا ان احالة الاكسير الى الصلاح وعبروا عن مادة الاكسير بالحجر المكرم وحجر موسى (منه).