الذهب الصناعي مثلاً للذهب الطبيعي لكان ما بالصناعة مثلاً لما بالطبيعة ولو جاز ذلك لجاز أن يكون ما بالطبيعة مثلا لما بالصناعة فكنا نجد سيفاً أو سريراً أو خاتماً بالطبيعة وذلك باطل وقالوا أيضاً الجوهر الصابغ إما أن يكون أصبر على النار من المصبوغ أو يكون المصبوغ أصبر أو متساويين فإن كان الصابغ أصبر وجب أن يفنى المصبوغ قبل الصابغ وإن كان المصبوغ أصبر وجب أن يفنى الصابغ ويبقى المصبوغ على حاله الأول عرياً عن الصبغ وإن تساويا في الصبر على النار فهما من جنس واحد لاستوائهما في المصابرة عليها فلا يكون أحدهما صابغاً ولا مصبوغاً. وهذه الحجة الثانية من اقوى حجج المنكرين. والجواب من المثبتين عن الأولى أنا نجد النار تحصل بالقدح واصطكاك الأجرام والريح تحصل بالمراوح وأكواز الفقاع والنوشاذر قد تتخذ من الشعير وكذلك كثير من الزاجات ثم بتقدير أن لا يوجد بالطبيعة ما يوجد بالصناعة لا يلزمنا الجزم بنفي ذلك ولا يلزمنا من إمكان حصول الأمر الطبيعي بالصناعة إمكان العكس بل الأمر موقوف على الدليل. وعن الثانية أنه لا يلزم من استواء الصابغ والمصبوغ على النار استواؤهما في الماهية لما عرفت أن المختلفين يشتركان في بعض الصفات. وفي هذا الجواب نظر. وحكى لي بعض من أنفق عمره في الطلب أن الطغرائي ألقى المثقال من الإكسير أولاً على ستين ألف مثقال من معدن آخر فصار ذهباً ثم إنه ألقى آخراً المثقال على ثلاثمائة ألف وأن مريانس الراهب معلم خالد بن يزيد ألقى المثقال على ألف ألف ومائتي ألف مثقال وقالت مارية القبطية والله لولا الله لقلت إن المثقال يملأ ما بين الخافقين والجواب الفصل ما قاله الغزي:
كجوهر الكيمياء ليس نرى*من ناله والأنام في طلبه وصاحب الشذور من جملة أئمة هذا الفن صرح بأن نهاية الصبغ إلقاء الواحد على الألف في قوله:
فعاد بلطف الحل والعقد جوهرا*يطاوع في النيران واحده الألف وزعم بعضهم أن المقامات للحريري وكليلة ودمنة رموز في الكيمياء ويزعمون أن الصناعة مرموزة في صورة البرابي.
وقد كتب بعض من جرب وتعب فأقلقه على مصنفات جابر تلميذ جعفر الصادق:
هذا الذي بمقاله*غر الأوائل والأواخر ما أنت إلا كاسر*كذب الذي سماك جابر