وذكر الصفدي إن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد وإمام الحرمين كان كل منهما مغرى به. واعلم أن المعتنين به بعضهم يدبر بجمع الكبريت والزئبق في حر النار ليحصل امتزاجات كثيرة في مدة يسيرة ما لا يحصل في المعدن زمانا طويلاً فهذا أصعب الطرق لأنه يحتاج إلى عمل شاق. وبعضهم يؤلفون المعادن على نسبة أوزان الفلزات وحجمها وبعضهم يجهلون القياس فيحصل لهم الاشتباه والالتباس فيستمدون بالنباتات والجمادات والحيوانات كالشعر والبيض والمرارة وهم لا يهتدون إلى النتيجة. ثم إن الحكماء أشاروا إلى طريقة صنعة الإكسير وكيفيته على طريق الأحاجي والألغاز والتعمية لأن في كتمه مصلحة عامة فلا سبيل إلى الاهتداء بكتبهم والله يهدي من يشاء قال أبو الأصبع عبد العزيز بن تمام العراقي يشير إلى مكانة الواصل لهذه الحكمة:
فقد ظفرت بما لم يؤته ملك*لا المنذران ولا كسرى بن ساسان ولا ابن هند ولا النعمان صاحبه*ولا ابن ذي يزن في رأس غمدان قال الجلدكي في شرح المكتسب بعد أن بين انتسابه إلى الشيخ جابر وتحصيله في خدمته وبالله تعالى أقسم أنه أراد بعد ذلك أن ينقلني عن هذا العلم مراراً عديدة يورد على الشكوك يريد لي بذلك الإضلال بعد الهداية ويأبى الله إلا ما أراد فلما فهمت مراده وعلمت أن الحسد قد داخله مني حصرته في ميدان البحث ومددت إليه سنان اللسان وعجز عن القيام بسيف الدليل ونادى عليه برهان الحق بالإفحام فجنح للسلم وقام إلي واعتنقني وقال إنما أردت أن اختبرك واعلم حقيقة مكان الإدراك منك ولتكن من أهل هذا العلم على حذر ممن يأخذه عنك واعلم أنه من المفترض علينا كتمان هذا العلم وتحريم إذاعته لغير المستحق من بني نوعنا وأن لا نكتمه عن أهله لأن وضع الأشياء في محالها من الأمور الواجبة ولأن في إذاعته خراب العالم وفي كتمانه عن أهله تضييعاً لهم وقد رأينا أن الحكمة صارت في زماننا مهدمة البنيان لا سيما وطلبة هذا الزمان من أجهل الحيوان قد اجتمعوا على المحال فإنهم ما بين سوقة وباعة والبطالين وأصحاب دهاء ومشعبذين لا يدرون ما يقولون فأخذوا يتذاكرون الفقر ويذكرون أن فى الكيمياء غناء الدهر ويأتون على ذلك بزخارف الحكايات ومع ذلك لا يجتمع أحد منهم مع الآخر على رأى واحد ولا يدرون كيف الطلب مع أن حجر القوم لا يعدو هذه المولدات الثلاث لكن جهالاتهم أوقعتهم في الضلال