للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والمنادمة. وقوله : والدليل على السراء والضراء أي في الماضي والآتي إشارة إلى الرابع الذي هو فقد سار ذاتي أي أن العلوم تقوم مقام ذي الرأي السديد إذا استشير إذ هو دال لصاحبه على السراء وأسبابها وعلى الضراء وموجباتها فالحيرة وجهل عواقب الأمور مؤلم للنفس ومضيق للصدر لفقد نور البصيرة فالعلم يريح من تلك الهموم والأحزان.

والاستيلاء قسمان أحدهما استيلاء يمحق الشر ويدفع الضر وإليه أشار قوله : والسلاح على الأعداء فبالعلم يزهق الباطل وتندفع الشبهة والجهالة. قيل لبعض المناظرين فيم لذتك فقال في حجة تتبختر إيضاحاً [اتضاحا] وشبهة تتضائل افتضاحاً. وثانيهما استيلاء يجلب الخير ويذهب الضير وإليه أشار قوله : والزين عند الأخلاء أي أن العلم جمال وحسن وكمال يجذب القلوب من الأخلاء كما قيل:

العلم زين وكنز لا نفاد له*نعم القرين إذا ما عاقلاً صحبا القسم الثاني ما يجلبه العلم من الوجاهة والرتبة وهي أما عند الله وإما عند الملأ الأعلى أو عند الملأ الأسفل. الأول أشار إليه قوله : يرفع الله به أقواماً أي يعلي مقامهم ورتبتهم فيجعلهم في الخير قادة وأئمة أي شرفاء الناس وسادتهم. والقادة جمع قائد وهو الذي يجذب إلى الخير إما مع الإلزام كالقاضي والوالي اللذين إلزامهم [إلزامهما] على الظاهر وكالخطيب والواعظ اللذين إلزامهم [إلزامهما] على الباطن وكالأئمة الذين بعلمهم يهتدى وبحالهم يقتدى.

والثاني أشار إليه قوله : يرغب الملائكة في خلتهم أي لهم من المنزلة والمكانة في قلوبهم ما استولى على غيوب بواطنهم فرغبوا في محبتهم وأنسوا بملازمتهم وما استولى على ظواهرهم فيتبركون بمسحهم.

والثالث أشار إليه قوله : يستغفر لهم كل رطب ويابس فشمل الناطق والنافس. قيل سبب استغفار هؤلاء رجوع أحكامهم إليهم في صيدهم وقتلهم وحلهم وحرمتهم.

القسم الثالث ما يندفع بالعلم من المضار الدينية وهو نوعان فعل النواهي وترك الأوامر.

فالأول اتباع الشهوات المضرة وأشار إليه قوله : التفكر فيه يعدل الصيام أي في كسره الشهوتين.

والثاني الغفلة والميل إلى الكسل وأشار إليه قوله :

ومدارسته تعدل القيام أي في نفي ما عرض في ذلك لحصول التنبيه والنشاط والتذكرة والانبساط.