ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية مما هو مراد الله ﷾ حق لا ريب فيه. ثم تلك الدلالة على مراده ﷾ بواسطة القوانين الأدبية الموافقة للقواعد الشرعية والأحاديث النبوية مراد الله ﷾. ومن جملة ما علم من الشرائع أن مراد الله ﷾ من القرآن لا ينحصر في هذا القدر لما قد ثبت في الأحاديث أن لكل آية ظهراً وبطناً وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد بل من أعصى فهماً وعلماً من لدنه تعالى يكون الضابط في صحته أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة عن الألفاظ بالقوانين العربية وأن لا يخالف القواعد الشرعية ولا يباين إعجاز القرآن ولا يناقض النصوص الواقعة فيها فإن وجد فيه هذه الشرائط فلا يطعن فيه وإلا فهو بمعزل عن القبول. قال الزمخشري من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليماً من القادح وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية بالمشاهدات الكشفية فهم القدوة في هذه المسالك ولا يمنعون أصلاً عن التوغل في ذلك. ثم ذكر ما وجب على المفسر من الآداب وقال ثم اعلم أن العلماء كما بينوا في التفسير شرائط بينوا في المفسر أيضاً شرائط لا يحل التعاطي لمن عري عنها أو هو فيها راجل وهي أن يعرف خمسة عشر علماً على وجه الإتقان والكمال اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع والقراءات وأصول الدين وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم وعلم الموهبة وهو علم يورثه الله ﷾ لمن عمل بما علم وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم. ثم أن تفسير القرآن ثلاثة أقسام. الأول علم لم يطلع الله تعالى عليه أحداً من خلقه وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه. والثاني ما أطلع الله ﷾ نبيه عليه من أسرار الكتاب واختص به فلا يجوز الكلام فيه الاله ﵊ أو لمن أذن له قيل وأوائل السور من هذا القسم وقيل من الأول. والثالث علوم علمها الله تعالى نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها وهذا ينقسم إلى قسمين منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقراءات واللغات وقصص الأمم وأخبار ما هو كائن ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستنباط من الألفاظ وهو قسمان قسم اختلفوا في جوازه