للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن يرشد إلى علم العبادات الظاهرة وإن عرض لهم شبهة يعالج بكلام إقناعي ولا يفتح عليهم باب الحقائق فإن ذلك فساد النظام وإن وجد ذكياً ثابتاً على قواعد الشرع جاز له أن يفتح باب المعارف بعد امتحانات متوالية لئلا يتزلزل عن جادة الشرع.

تنبيه: اعلم أنه يجب على الطالب أن لا ينكر ما لا يفهم من مقالاتهم الخفية وأحوالهم الغريبة إذ كل ميسر لما خلق له قال الشيخ في الإشارات: كل ما قرع سمعك من الغرائب فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان انتهى (١) وإنما الغرض من تدوين تلك المقالات التذكرة لمن يعرف الأسرار والتنبيه على من لا يعرفها بان لنا علماً يجل عن الأذهان فهمه حتى يرغب في تحصيله كما في الحديث إن من العلم كهيئة المكنون لا يعرفها إلا العلماء بالله تعالى فإذا نطقوا لا ينكره إلا أهل الغرة. وروي عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أنه قال حفظت من رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وعائين أما أحدهما فبثثته وأما الآخر فلو بثثته لقطع هذا البلعوم وغرضهم عدم إمكان التعبير عنه وخوف مقايسة السامعين الأحوال الإلهية بأحوال الممكنات فيضلوا أو يسوء الظن في قائلها فيقابلوه بالإنكار.

فتح: ومنها أنه ينبغي أن لا يخالف قوله فعله إذ لو أكذب مقاله بحاله ينفر الناس عنه وعن الاسترشاد به وأكثر المقلدين ينظرون إلى حال القائل والمحقق الذي لا ينظر إلى القائل فهو نادر فليكن عنايته بتزكية أعماله أكثر منه بتحسين علمه إذ لا بد للعالم من الورع ليكون علمه أنفع وفوائده أكثر وأن يكظم غيظه عند التعليم ولا يخلطه بهزل فيقسو قلبه ولا يضحك فيه ولا يلعب ولا يبالي إذا لم يقبل قوله ولا بأس بأن يمتحن فهم المتعلم وأن لا يجادل في العلم ولا يماري في الحق فإنه يفتح باب الضلال وأن لا يدخل علماً في علم لا في تعليم ولا في مناظرة فإن ذلك مشوش وكثيراً ما غلط جالينوس بهذا السبب وأن يحث الصغار على التعلم سيما الحفظ وأن يذكر لهم ما يحتمله فهمهم وإن كان الطلاب مبتدئين لا يلقى عليهم المشكلات وإن كانوا منتهين لا يتكلم في الواضحات ولا يجيب متعنتاً [تعنتاً] في سؤاله ولا ما يلقى عليه [عليهم] من الأغلوطات وأن ينظر في حال الطالب إن كان له زيادة فهم بحيث يقدر على حل المشكلات وكشف المعضلات يهتم لتعليمه أشد الاهتمام وإلا فيعلمه قدر ما يعرف الفرائض والسنن ثم يأمره بالاشتغال بالاكتساب ونوافل الطاعات لكن يصبر في امتحان ذهنه مقدار ثلاث سنين وإن سئل عما يشك فيه يقول لا أدري فإن لا أدري نصف العلم.


(١) راجع آخر الاشارات.