للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى قصد الدار التي وصفها له أبوه ودقّ الباب وقال: أنا فلان ابن خادمك المزيّن، ففتحوا له فدخل، وقبّل يديه ورجليه وأظهر من الاغتمام بأمره مثل ما أظهره أبوه، ثم قال: عرّفني غلامك أبي أنه حجمك النقرة وحدها، وهذا وقت حادّ، وقد ثار الدم، والوجه أن تحجم الأخدعين. فقال: لم يكن بي إلى هذا حاجة، والآن فقد أشرت به فاستخر الله تعالى، فحجمه الأخدعين، وأعطاه دينارا وأخرجه. فلقي أخا له وحكى له ما كان منه، فمرّ مبادرا وقال له مثل قوله، وفعل مثل فعله، حتى حجمه على الساقين، وأخذ دينارا. وخرج فلقي صهرا له فأخبره بالقصة، فبادر مسرعا حتى صار إلى الباب، ودخل وفعل مثل فعلهما وقال: لا بدّ مع حجامة الساقين والأخدعين من قطع الإجهارك، فقال الرجل: نعم لا أدري أيّ شيء ذنبي إليكم يا بني القحاب، اجلس، فأجلسه وقام وجلس في سميرية وانحدر إلى دار الخليفة، فلما رآه الحجّاب يستأذن تعجّبوا، ودخلوا يستأذنون له، فلما دخل انكبّ بين يدي الخليفة فقبّل الأرض ثم قال: يا أمير المؤمنين اسمع قصتي وحالي، وقصّ عليه خبر الحجامين وما لقي منهم. وقال: هؤلاء أولاد القحاب هو ذا يأخذون دمي بالمحاجم، خذه أنت بالسيف دفعة واحدة وأرحني مما أنا فيه. فضحك ووجع له وردّه إلى منزلته.

«٨٥٥» - حضر القطيعيّ مع قوم جنازة رجل، فنظر إلى أخيه فقال: هذا هو الميت [١] أم أخوه؟

«٨٥٦» - قال الجاحظ: كان لنا جار مغفّل جدا، وكان طويل اللحية، فقالت له امرأته يوما: من حمقك طالت لحيتك، فقال: من عيّر عيّر [٢] .


[١] ح: أهو الميت.
[٢] ح: من عيب غيّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>