قال: فقلت له أطعمها التمر بالنوى، قال أو يجوز هذا؟ قلت: نعم، قال: والله فرّجت عنّي، لا إله إلا الله، ما أحسن العلم.
٨٧١- قال الأصمعي: دخلت البادية ومعي شيء أودعته عند امرأة منهم.
طلبته منها فأنكرت وجحدت، فقدمتها إلى شيخ منهم فقرّرها، فأقامت على إنكارها. فقال: قد علمت أنه لا يلزمها إلّا اليمين أفتريد إحلافها، فقلت: لا تفعل، ألم تسمع قوله:[من الوافر]
ولا تسمع لسارقة يمينا ... ولو حلفت بربّ العالمينا
فقال: صدق الله [١] ثم تهدّدها وتشدّد عليها فأقرّت وردّت إليّ مالي. فالتفت إليّ الشيخ فقال في أيّ سورة هذا؟ فقلت في قوله:[من الوافر]
ألا هبّي بصحنك فاصبحينا ... ولا تبقي خمور الأندرينا
فقال: سبحان الله، قد كنت ظننتها في:(إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً)
(الفتح: ١) .
٨٧٢- حبس مصعب بن الزبير عبيد الله بن الحرّ الجعفيّ في بعض الأمور التي كان يجنيها، فكلّمت مذحج الأحنف بن قيس ليكلّم مصعبا فيه، فكلّمه حتى خلّى سبيله. فبينا الأحنف يوما جالس وعنده جماعة إذ جاءه عبيد الله بن الحر فوقف عليه وقال: كيف أنت يا أبا بحر؟ جزاك الله خيرا، قد بلغني ما كان منك، اعلم أنني نظرت في أمري وأمرك ومجازاتك، فإذا أنت أوجه مني فلست تحتاج إلى جاهي، وأنت فلا تستحلّ شيئا من مكاسبي، وإذا ليس شيء أمثل من ضربة بسيف تدخل بها الجنة وأدخل أنا بها النار. فجعل الأحنف يضحك ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعبيد الله يقول له: إن أذنت لي عجّلتها لك.