عن أيّ الفتن أشدّ فقال: أن يعرض عليك الخير والشرّ فلا تدري أيّهما تترك.
وقد ذكر عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: لا تزال يد الله على هذه الأمة في كنفه، ما لم يمل قرّاؤهم إلى امرائهم، وما لم يوقّر خيارهم شرارهم، وما لم يعظّم أبرارهم فجّارهم؛ فاذا فعلوا ذلك رفعها عنهم وقذف في قلوبهم الرعب، وأنزل عليهم الفاقة، وسلّط عليهم جبابرتهم فساموهم سوء العذاب. وقال حذيفة: لا يأتيهم أمر يضحكون منه إلا ردف أمر يشغلهم عن ذلك. فليكن الموت من شأنك وبالك. وأقلّ الأمل وأكثر ذكر الموت فانكم إذا ذكرتموه في قليل كثّره. واعلم أنه قد دنا من الناس أمور، وحضرت أمور يشتهي لها الرجل الموت، والسلام.
«٩٨٧» - وصّى رجل آخر، وأراد سفرا، فقال: آثر بعملك معادك، ولا تدع لشهوتك رشادك. وليكن عقلك وزيرك الذي يدعوك إلى الهدى، ويعصمك من الرّدى. ألجم هواك عن الفواحش، وأطلقه في المكارم، فانّك تبرّ بذلك سلفك، وتشيّد شرفك.
«٩٨٨» - قال زياد عند موته لابنه عبيد الله: لا تدنّس عرضك، ولا تبذلنّ وجهك، ولا تخلقنّ جدّتك بالطّلب إلى من إن ردّك كان ردّه عليك عيبا، وإن قضى حاجتك جعلها عليك منّا. واحتمل الفقر بالتنزّه عما في أيدي الناس، والزم القناعة بما قسم لك، فان سوء حمل الفقر يضع الشرف، ويخمل الذكر، ويوجب الحرمان.
«٩٨٩» - قال مهديّ بن أبان: قلت لولّادة العبدية، وكانت أعقل النساء:
أريد الحجّ فأوصيني، فقالت: أوجز فأبلغ أم أطيل فأحكم؟ قلت: ما شئت.
قالت: جد تسد، واصبر تفز. قلت: أيضا. قالت: لا يبعد غضبك حلمك،