للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه، وأطع سنّة نبيه عليه السلام فيه. وقابله عن إساءته مقابلة من لا يصرفه عن الحق مراقبة، ولا يقصر به دون الواجب بقيا ولا بقية [١] . فان أمير المؤمنين وإن أوسع كافّة أهله عطفا، ولم يأل بهم رفقا ولا لطفا، لا يصل منهم من أوجب الدين قطيعته، ولا يرعى حقّ رحم لمن لم يكن في ذات الله تعالى قربته. وليكن لك عليهم عيون من خيارهم، ينهون إليك ما انطوى عنك من أخبارهم [٢] ، وأوصهم بحسن التأمّل لاثار الجماعة، وكفّهم عما ينكر بالهيبة والطاعة. فان انثنوا أو ارتدعوا، وانتهوا أو نزعوا، وإلا احتذيت ما مثّله لك أمير المؤمنين من جميع الفرق، ولا تجاوز [٣] ما فصّله من غلظة وشفق. واجعل في خطابك إياهم ومحاورتك لهم شعارا من الاكرام يبينون به عن جمهور العوام. ولا تقابل أحدا منهم بسبّ، ولا تغضض منه في ذكر أمّ ولا أبّ، فان أمير المؤمنين يصون سلفهم سلفه، ويحمي نسبهم لأنهم نسبه، وقد نزّه الله أسرته عن هجنة العيب، وباعد حامته [٤] عن مقارفة الريب. وإنما جعلك أمير المؤمنين أمينه فيهم، وعينه عليهم، لمّا ضنّ بهم عن الزلل، وصانهم عن الغيّ والخطل. ولتكن عنايتك إلى حماية المناسب مصروفة، وعلى حراستها موقوفة، فانها قربى النبوة ولحمة الخلافة، والسبب المتصل يوم تقطّع [٥] الأسباب، والنسب المعروف يوم تناكر الأنساب [٦] . وأثبت الجماعة ممن بحضرتك منهم بأعيانهم وأسمائهم، واعزهم إلى أجدادهم وآبائهم، وليعمل بمثل ذلك أصحابك في الأطراف، وخلفاؤك في البلاد، حتى تأمن غلطا تفتن به [٧] في سليم، ولبسا تركن به إلى سقيم. ثم إن وجدت من قد ادّعى نسبا لا يثبت


[١] المختار: عن الحق الواجب بقيا ولا بقية.
[٢] م: أشرارهم.
[٣] المختار: ولم تتجاوز.
[٤] المختار: خاصته.
[٥] المختار: تنقطع.
[٦] والنسب ... الأنساب: سقط من المختار.
[٧] المختار: غلطا منك تشك به.

<<  <  ج: ص:  >  >>