للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والاجتهاد، ويستمرّ معه على طريقتك في الاستقامة والسّداد.

١٠٢٣- ومن تقليد القاضي أبي القاسم عمر بن حسان جنديسابور: أمره بتقوى الله وخشيته ومراقبته وخيفته، وأن يسوّي في طاعته بين ما استسرّ من رأيه وعلن، ويخلص العمل له في ما ظهر من أمره وبطن، تلك مواد العصمة، ودواعي الرحمة، والمقيمات على سبل [١] الهداية، والمنجيات من أعقاب الغواية، وأنفع ما قدّم من زاد، وأحصن ما ادّخر من عتاد. فمن أصلح سجاياه، وجعل لهنّ سرّه ونجواه، أتمّ الله عليه نعمته، وكفاه عاجلته، وقد أدّب الله بهنّ أمير المؤمنين، وفرضهنّ على العالمين، فقال جلّ من قائل (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)

(آل عمران: ١٠٢) .

وأمره أن يكثر تلاوة القرآن، والاستنارة بما فيه من البيان، وأن يصرف إليه فكره، ويشغل به قلبه، ويكرّره اعتبارا وتذكرا، ويتأمّله استدلالا وتدبّرا، وأن يملّكه عنانه وزمامه، ويجري عليه نقضه وإبرامه، ويتصرّف معه في ما أحبّه وكرهه، ويطيع أمره في ما سرّه وساءه، فانه حجّة الله وعهده، ووعده ووعيده [٢] ، وبرهانه الباهر، ودليله القاهر، وسبيله الوسط، وطريقه الجدد، والمؤدّي إلى رحمته وثوابه، والمنجي من سطوته وعقابه. قال الله عزّ وجلّ (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)

(فصلت: ٤١- ٤٢) .

وأمره أن يبرز للرعية، ويحملهم على حكم السّويّة، ويفتح لهم بابه، ويرفع عنهم حجابه، ويجعل لهم مجالس للحكم في المساجد الجامعة، والمواضع الضاحية، بحيث يصل إليه القويّ والضعيف، ويبلغه الدنيّ والشّريف، وإذا أفضى إليه الخصمان عدل بينهما في لحظه ولفظه، وسوّى تقاسمهما [٣] في قوله


[١] س: سبيل.
[٢] س: ووعيده وتوعده.
[٣] م: انقسامهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>