للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هشام بن عبد الملك في وفد أهل العراق، قال: فقدمت عليه، وقد خرج بقرابته وحشمه وحاشيته وجلسائه فنزل في أرض قاع صحصح، في عام قد بكّر وسميّه وتتابع وليّه، وأخذت الأرض زينتها، فهي في أحسن منظر، قال:

وقد ضرب له سرادق من حبر كان يوسف بن عمر صنعه له باليمن، فيه فسطاط فيه أربعة أفرشة من خزّ أحمر، مثلها مرافقها، وعليه درّاعة من خزّ أحمر مثلها عمامتها، وقد أخذ الناس مجالسهم، قال فأخرجت رأسي من ناحية السمّاط، فنظر إليّ شبه المستنطق لي، فقلت: أتمّ الله نعمه عليك يا أمير المؤمنين، وجعل ما قلّدك من هذا الأمر رشدا، وعاقبة ما يؤول إليه حمدا، أخلصه الله لك بالتقى وكثّره لك بالنماء، ولا كدّر عليك ما صفا، ولا خالط سرورك الأذى، فلقد أصبحت للمؤمنين ثقة [ومستراحا]- إليك يقصدون في مظالمهم ويفزعون في أمورهم، وما أجد شيئا هو يا أمير المؤمنين أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك، فإن أذن أمير المؤمنين أخبرته به، قال: فاستوى جالسا وكان متكئا ثم قال: هات يا ابن الأهتم، قلت: يا أمير المؤمنين، إنّ ملكا من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامك هذا إلى الخورنق والسّدير، وكان قد أعطي فتاء السنّ مع الكثرة والغلبة والقهر، فنظر فأبعد النظر، ثم قال لجلسائه: هل رأيتم مثل ما أنا فيه وهل أعطي مثل ما أعطيت؟ قال: وعنده رجل من بقايا حملة الحجّة والمضيّ على أدب الحقّ ومنهاجه، قال: ولم تخل الأرض من قائم لله عز وجل بحجّة في عباده، فقال: أيها الملك إنك قد سألت عن أمر، أفتأذن في الجواب عنه؟ قال: نعم، قال: أرأيت الذي أنت فيه أشيء لم تزل فيه أم شيء صار إليك؟ قال: كذلك هو، قال: فلا أراك إلا أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلا وتغيب عنه طويلا، وتكون غدا بحسابه


والسياسة ٢: ١٠٥ ومعجم الأدباء ١١: ٢٨- ٣٤ والمصباح المضيء ٢: ١١٠ وقصيدة عدي بن زيد في ربيع الأبرار ١: ٥٩٦- ٥٩٨ وعيون الأخبار ٣: ١١٥ والشريشي ٣:
٣٩٣- ٣٩٤ ومنها عشرة أبيات في العقد ٣: ١٩١ وديوان عدي: ٨٤ (وفيه تخريج كثير) .

<<  <  ج: ص:  >  >>