للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٣٤٨] قال الحسن بن أبي الحسن البصري: المؤمن يصبح حزينا ويمسي حزينا، ولا يسعه إلا ذلك لأنه بين مخافتين: بين ذنب قد مضى لا يدري ما الله يصنع فيه، وبين أجل قد بقي لا يدري ما يصيبه فيه من المهالك.

[٣٤٩]- وقال الحسن: يحقّ لمن يعلم أن الموت مورده، وأن القيامة موعده، وأن القيام بين يدي الله مشهده، أن يطول حزنه.

[٣٥٠]- ومن كلام الحسن رحمه الله: وقد يدلّك على شرّ هذه الدار، أن الله زواها عن أنبيائه وأحبّائه اختبارا، وبسطها لغيرهم اعتبارا واغترارا، فيظنّ المغرور فيها والمفتون عليها أنه إنما أكرمه بها، ونسي ما صنع بمحمد صلّى الله عليه وسلّم نبيه ورسوله، وبموسى المصطفى بالكرم وبمناجاة المختار له، فأمّا محمد فشدّ الحجر على بطنه من الجوع، وأما موسى الكليم فرئي خضرة البقل من صفاق بطنه من هزاله، وما سأل الله يوم أوى إلى الظلّ طعاما من جوعه، ولقد جاءت الروايات عنه أن الله أوحى إليه: أن يا موسى إذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين، وإذا رأيت الغنى قد أقبل فقل ذنب عجّلت عقوبته.

وإن شئت ثلثت «١» بصاحب الروح والكلمة ففي أمره عجيبة، كان يقول أدمي الجوع، وشعاري الخوف، ولباسي الصوف، ودابتي رجلي، وسراجي بالليل القمر، وصلائي في الشتاء مشارق الشمس، وفاكهتي وريحاني ما أنبتت الأرض للسباع والأنعام، أبيت وليس لي شيء وليس أحد أغنى مني. ولو


[٣٤٨] حلية الأولياء ٢: ١٣٢ وقوله «بين مخافتين ... الخ» من حديث للرسول في زهد ابن المبارك:
١٠٢ وقارن بما في كتاب الحسن البصري: ٦١ وأمالي الطوسي ١: ٢١١ (لعلي) .
[٣٤٩] حلية الأولياء ٢: ١٣٣ والبصائر ٢: ١٢٧.
[٣٥] حلية الأولياء ٢: ١٣٦- ١٣٨ وقارن بربيع الأبرار ٤: ٣٨٣ حيث نسب لعلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>