للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعاودت إنذاره والاحتجاج عليه، وعرّفته نوازل العبر وعواقب البطر، وصرّفت له القول في الترغيب والترهيب، ووصلت له الوعد بالوعيد، فلما أبى إلا جماحا في غيّه، ثانيا لعطفه، توكلت على الله في مناجزته، فزحفت إليه في من اخترته، وبرز إليّ في أصحابه، فما استقروا في موقفهم حتى زلزل الله أقدامهم ونخب [١] قلوبهم، وأسكن الرعب حوباءهم [٢] ، فنكصوا على أدبارهم، ووضع الأولياء سلاحهم حيث شاءوا منهم [٣] ، وأتوا عليهم من عند آخرهم، وأخذ الحائن أسيرا مقهورا من غير عهد يعصمه، ولا عقد يحقن دمه، فالحمد لله الفتّاح العليم، المنّان الكريم، الذي لا يعجزه شيء أراده، ولا يتكاءده أمر طلبه، حمدا يوازي آلاءه، ويكافىء نعماءه.

«٣٩٤» - لما فتح الرشيد هرقلة عاد إلى الرقّة فدخلها آخر يوم من شهر رمضان، وعيّد، ثم جلس للشعراء، فبدرهم أشجع السلميّ فأنشده:

[من البسيط]

لا زلت تنشر أيّاما وتطويها ... تمضي بها لك أيام وتمضيها [٤]

مستقبلا زينة الدنيا وبهجتها ... أيّامها لك نظم في لياليها

العيد والعيد والأيام مقبلة ... إليك بالنصر معقود نواصيها

أمست هرقلة تهوي من جوانبها ... وناصر الدين والإسلام يرميها


[١] م: ورعب.
[٢] م: جوانبهم.
[٣] زاد في م: فاستاقوهم.
[٤] الأغاني: وتثنيها.

<<  <  ج: ص:  >  >>