٣٩٨- وكتب عن الوزير أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن الحسين بن سعدان إلى الأمير فخر الدولة عند فتح الموصل، وانهزام باد الكردي عنها: كتابي- أطال الله بقاء مولانا، ومولانا الأمير صمصام الدولة جار على أفضل حال جمع الله بينهما فيها على تمام عزّ ونصر، ونفاذ نهي وأمر، وعلوّ كلمة وراية، وسبوغ موهبة ونعمة، وشكر لله يستزيده من فضله، ويستدرّ المادة من طوله- وأنا جار في ما أحمله من أعباء خدمتها، وأتولّاه من معاظم شؤونها، على أجمل ما عوّد الله وزراء هذه المملكة المناصحين لها، وأولياءها المحامين عنها، من هداية إلى مراشد الأمور، وتوفيق لصواب التدبير، والحمد لله رب العالمين.
وقد جعل الله هذه الدولة الشريفة- أطال الله بقاء مولانا الأمير الجليل- مختوما لها بقوة الأسباب، وثبات الأطناب، وعزّ الأولياء، وذلّ الأعداء، فلم تلمّ بها ملمّة من ملمّات الزمان إلّا خفّ حملها، وقلّ لبثها، وقرب الخروج منها، وحسنت العاقبة فيها، ثم يكون مآلها إلى عزّ يتجدّد ويتمهّد، ونصر يتكرّر ويتردّد، وثيقة من الله لا تنقض عقودها، ولا تنكث عهودها، وعلى حسب ذاك تكون الجولة الجائلة من عدوّها في قصر المدّة، وانحلال العقدة، والإفضاء إلى عواقب الهلاك والبوار، وغايات الخذلان والإدبار. فأدام الله ذلك ولا قطعه، وتمّمه ولا انتقصه، وألهمنا الشكر الذي هو قيد النعم وشكالها، وحبسها وعقالها، ولا أخلانا من مواظبة عليه يتنجّز بها المزيد المضمون منه، إنّه جلّ وعزّ بذلك جدير، وعليه قدير. وقد عرف مولانا حال باد الكردي في كفر النعمة وغمطها [١] ، وإنكار الصنيعة وجحدها.
ومنها:
وكان مولانا صمصام الدولة يتأدّب في أمره بأدب الله عزّ وجلّ في دعائه إلى رشده، والصدوف به عن غيّه، وتقديم الإعذار إليه، والأخذ بالوثيقة عليه،