للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حال الاستاذ الرئيس أبي الفضل- نضر الله وجهه- فيما أرجح الله [من دينه] ، وصحّح [١] من يقينه، وأجزل من أدبه، وكرّم من منقلبه. فإنه تعالى ذكره جعله في هذه الدنيا سيدا، عليّا [٢] قدره، ساميا خطره، بعيدا صيته، وافيا حلمه، ثاقبا فهمه، غزيرا علمه، زاخرا بحره، فائضا برّه، وأخرجه عنها عالما بدناءتها، عازفا عن زخارفها، صادرا عن شرورها، صادفا عن غرورها، منافسا في التي بعدها، واثقا بجزيل حظّه منها، مغتبطا بتأثل محلّه فيها، مشوقا إلى ما قدّم وجهّز إليها. وأعطاه من سيدنا الاستاذ الجليل- أيّده الله- خلفا يسدّ مكانه، ويشيد بنيانه، ويحفظ معاليه، ويحرس مساعيه. وهو حريّ أن يجري على تلك الشاكلة ويوفي، ويسبق فيها ويجلّي. وكان انصرافه عنه بعد أن رأى فيه سوله، وبلغ مأموله، وقرّت عينه باستقلاله ووفائه، واضطلاعه [٣] وغنائه، وشاهد فيه المنظر السارّ، وسكن منه إلى الولد البارّ. وقضى الله عزّ وجلّ بما هو الأولى بهما من تقدّم الأصل وتأخّر الفرع، ومضيّ السلف وبقاء الخلف، ووثقنا لذلك بالفوز العظيم فيما صار إليه، ولهذا بالمنح الجسيم فيما حصل عليه. وتظاهرت مواهب الله في ذلك تظاهرا تكون به المحنة منحة، والرزية عطيّة، وإلى الله جلّ اسمه الرغبة في أن يتغمّد الثاوي بأتمّ الرحمة والغفران، وأطيب التحيّة والرضوان، ويخير له فيما أقدمه عليه، ويسعده بما أسرع به إليه، ويزلفه مراتب الأعيان الأخيار، ويبوّئه منازل الصديقين الأبرار، ويعلي شأنه في دار القرار، كما أعلاه في هذه الدار، ويتولّى السيد الباقي الذي يملأ العين قرّة، والصدر مسرّة، بامتداد البقاء، وترادف النعماء، ويرعاه بعينه اليقظى، ويدافع عنه بيده الطّولى، ولا يخليه من الصنع والتأييد، والإنافة والمزيد، ويلهمه الصبر المؤدّي إلى الأجر، والاحتساب العائد بالثواب، بجوده ومجده، وطوله وحوله.


[١] ب: وصح.
[٢] جمهرة: عاليا.
[٣] ب: واستطلاعه.

<<  <  ج: ص:  >  >>