للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم أطل هذه الإطالة- أيّد الله سيدنا- إغرابا عليه بها، ولا أنه [١] من النفر المحتاجين إليها، وكيف ذلك وعلمه يوفي عليها، وصدره يجيش بأضعافها، لكنني اتبعت الأمر في الذكرى وتوخّيت من إيناسه [٢] الغاية القصوى، وسلكت طريق المجتهد في تعزيته، وذهبت مذهب المبالغ في تسليته، وكرهت أن أكون في شيء من ذلك واقعا [٣] دون قدرتي، أو تاركا شيئا من استطاعتي. وسيدنا وليّ ما يراه في التقدم بإجابتي بذكر خبره وحاله، وأمره ونهيه، وما وليه الله به في هذا الحادث الكارث، والملمّ المؤلم، من العمل بما يرضاه، والتجنّب لما يأباه؛ إن شاء الله تعالى.

«٥٥٩» - كانت هند بنت أبي عبيدة بن عبد الله الحارثي عند عبد الله بن حسن ابن الحسن، فلما مات أبوها جزعت عليه جزعا شديدا ووجدت وجدا عظيما، فكلم عبد الله بن الحسن محمّد بن بشير الخارجي أن يدخل إليها فيعزّيها ويؤسّيها عن أبيها، فدخل معه إليها، فلما نظر إليها صاح بأعلى صوته: [من الطويل]

قومي اضربي عينيك يا هند لن تري ... أبا مثله يسمو إليه المفاخر

وكنت إذا فاخرت أسميت والدا ... يزين كما زان اليدين الأساور

وقد علم الأقوام أنّ بناته ... صوادق إذ يندبنه وقواصر

وهي أطول من هذا. فقامت هند فصكت وجهها وعينيها، وصاحت بويلها وحربها، والخارجيّ معها، حتى لقيا جهدا. فقال له عبد الله بن الحسن: ألهذا دعوتك ويحك؟ فقال له: أظننت أنّي أعزّيها عن أبي عبيدة؟ والله ما يسلّيني عنه


[١] ب: ولا لأنه.
[٢] م: أنبائه.
[٣] م: واقفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>