«٦٤٩» - وكان أبو بكر رضي الله عنه إذا عزّى رجلا قال: ليس مع العزاء مصيبة، ولا مع الجزع فائدة، والموت أشدّ ما قبله وأهون ما بعده، واذكروا فقد رسول الله صلّى الله عليه وسلم، تذلّ عندكم مصيبتكم، وعظّم الله أجركم.
«٦٥٠» - وكتب إبراهيم بن المهدي في تعزية: أما الصبر فمصير كلّ ذي مصيبة، غير أنّ الحازم يقدّم ذلك عند اللوعة طلبا للمثوبة، والعاجز يؤخر ذلك إلى السلوة فيكون مغبونا نصيب الصابرين. ولو ان الثواب الذي جعل الله تعالى لنا على الصبر كان لنا على الجزع لكان ذلك أثقل علينا، لأنّ جزع الإنسان قليل وصبره طويل، والصبر في أوان الجزع أيسر مؤونة من الجزع بعد السّلوة.
«٦٥١» - وقال ابن الرومي:[من الطويل]
شجى أن أروم الصبر عنك فيلتوي ... عليّ ولؤم أن يساعدني الصبر
فيا حسرتا ألّا سلوّ يطيعني ... ويا سوءتا من سلوتي إنها غدر
٦٥٢- قال ابن السماك: كان يجلس إليّ رجل مسنّ فبلغتني شكايته فأتيته أعوده، فإذا هو قد نزل به الموت، وإذا أمّ له عجوز كبيرة، ولم أكن أظنّ أنّ له أمّا يومئذ. قال: فجعلت تنظر إليه حتى أغمض وعصّب وسجّي. قال: ثم قالت: رحمك الله قد كنت بنا برّا وعلينا شفيقا، فرزق الله عليك الصبر، وقد كنت تطيل القيام وتكثر الصيام، لا حرمك الله ما أمّلت من رحمته، وأحسن عنك العزاء. قال: ثم نظرت إليّ فقالت: أيها القاعد قد رأيت واعظا ونحن معك، ولو بقي أحد لأحد لبقي، فقلت في نفسي: تقول لبقي ابني لحاجتي إليه، فقالت: لبقي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وآله لأمته. فخرجت وأنا أقول: ما رأيت