قميصه وألبسها إيّاه، وكفّنها فوقه، ثم دعا أسامة بن زيد وأبا أيوب الأنصاريّ وعمر بن الخطاب وغلاما أسود يحفرون قبرها، فلما بلغوا اللحد حفره رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وأخرج ترابه بيده، فلما فرغ دخل صلّى الله عليه وسلم فاضطجع فيه ثم قال: الحمد لله الذي يحيي ويميت وهو حيّ لا يموت؛ اغفر لأمي فاطمة بنت أسد، ولقّنها حجّتها، ووسّع عليها مدخلها، بحقّ نبيّك والأنبياء الذين من قبلي، فإنك أرحم الراحمين. وكبّر عليها أربعا وأدخلها اللحد هو والعباس وأبو بكر الصديق.
«٦٥٧» - قال أبو عبيدة: لما قتل جعفر بن علبة الحارثيّ قودا قام نساء الحيّ يبكين عليه، وقام أبوه إلى كلّ شاة وناقة فنحر أولادها وألقاها بين أيديها وقال: ابكين معنا على جعفر، فما زالت النوق ترغو والشاء تثغو والنساء يصحن ويبكين وهو يبكي معهنّ، فما رؤي يوم كان أوجع وأحرق مأتما في العرب من يومئذ.
«٦٥٨» - الشمردل بن شريك اليربوعي يرثي أخويه قدامة ووائلا:
[من الطويل]
أعاذل كم من روعة قد شهدتها ... وغصّة حزن من فراق أخ جزل
إذا وقعت بين الحيازيم أسدفت ... عليّ الضحى حتى يثبّتني [١] أهلي
أقول إذا عزّيت نفسي عن اخوة ... مضوا لا ضعاف في الحياة ولا عزل
أبى الموت إلا أن كلّ بني أب ... سيمسون شتّى غير مجتمعي الشمل
سبيل حبيبيّ اللذين تبرّضا ... دموعي حتى أسرع الحزن في عقلي
كأن لم نسر يوما ونحن بغبطة ... جميعا وينزل بين رحليهما رحلي