كذبن صفاء الودّ يوم محلّه ... وأدركني من عهدهنّ رهون «١»
فقال ابن أبي عتيق: ويحك فذاك أملح لهنّ وأدعى للقلوب إليهنّ؛ سيدك ابن قيس الرقيّات كان أعلم منك وأوضع للصواب موضعه فيهنّ، أما سمعت قوله:
[من المديد]
حبّ ذاك الدلّ والغنج ... والتي في طرفها دعج
والتي إن حدّثت كذبت ... والتي في وعدها خلج
وترى في البيت صورتها ... مثل ما في البيعة السّرج
خبروني هل على رجل ... عاشق في قبلة حرج
فسكن كثير واستحلى ذلك وقال: لا إن شاء الله، فضحك ابن أبي عتيق حتى ذهب به. ولأبي السائب في ابن أبي عتيق في هذا الفن أخبار كثيرة كرهت الإطالة في إيرادها.
[٤٤٢]- وروي أنّ سعيد بن المسيب، وهو من العلم بالمكان المشهور، مرّ في بعض أزقّة مكة، فسمع الأخضر الحربيّ يتغّنى في دار العاص بن وائل، والشعر لمحمد بن عبد الله النميري:[من الطويل]
تضوّع مسكا بطن نعمان إذ مشت ... به زينب في نسوة عطرات
فضرب برجله فقال: هذا والله مما يلذّ استماعه ثم قال:
وليست كأخرى وسّعت جيب درعها ... وأبدت بنان الكفّ للجمرات
وعلّت بنان المسك وحفا مرجّلا ... على مثل بدر لاح في الظلمات
وقامت تراءى يوم جمع فأفتنت ... برؤيتها من راح من عرفات