وأهل صفوته، وبعث به إليهم نبيّه صلّى الله عليه وسلم، وسمّاهم المسلمين، وهو الذي شرع لساكني سماواته من ملائكته، ولأهل الأرض من أنبيائه، ثم بعثهم به فقال:
(الشورى: ١٣) إلى آخر الآية. فبلّغ رسول الله صلّى الله عليه وسلم رسالات ربّه ونصح لأمّته، ومضى لأمره، وجاهد على حقّه من خالفه وعاداه وابتغى سبيلا غير سبيله، ثم آمن به وصدّقه وعزّزه ونصره، واتّبع النور الذي أنزل معه، وهم يومئذ قليل مستضعفون في الأرض، يخافون أن يتخطّفهم الناس كما وصفهم الله تبارك وتعالى في كتابه، أمرا رضيه لنفسه ونبيّه، ابتعثه له حتى أتمّ الله الإسلام وكمّله وفضّله وجعله دينه، وأعلم حقّه من شاء من عباده وخلقه، وبيّن لهم أنّه إلههم وربّهم، أمرهم بطاعته، والاعتصام بحبله، والتمسّك بعهده، ثم توكّل لهم بالحفظ والدّفع والنصر والقهر، والظهور على من خالفهم، وابتغى غير سبيلهم، ما حفظوا أمره، وتمسّكوا بطاعته، ووفوا بعهده، والله وليّ الإسلام، والناصر له على عدوّه، ووليّ إعزازه وإظهاره على الدّين كلّه ولو كره المشركون، قضاء منه بتّا لا مردّ له، وموعدا لا خلف له، وسنّة ماضية في الذين خلوا من قبل وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا*
(الأحزاب: ٦٢، الفتح:
٢٣) . فإنّ الله بعهده ونعمته لم يزل يصنع لهذا الدّين، ويغلب له بالفئة القليلة من أهله الفئة الكثيرة من عدوّه، قضاء منه أوجبه على نفسه، لم يجعل فيه مثنويّة، تصغي إليه أفئدة أهل الرّيبة والشّكّ في أمره، ولكن حتمه على نفسه، وأوجبه لهم في كتابه، وأعلمهم فيه معالم طاعته ومسالك معصيته، ليهلك من هلك عن بيّنة، وإنّ الله لسميع عليم. فدين الله الذي خصّ به أولياءه أوّلهم وآخرهم، تامّ على ما بعث به نبيّه صلّى الله عليه وسلم، فإنّ الله ختم به الأنبياء، وقفّى به الرسل، وجعل أمّته خير أمّة أخرجت للناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وجعل الله نظام الدّين الذي اختاره لنفسه، وشرعه لمن أكرم من خلقه، فارتضى لتنزيل وحيه من ملائكته، وتبليغ رسالاته من أنبيائه، إلى عباده. وقوامه وعصمته الطاعة التي