(الأنفال: ٦١) . فأصبح السيف مغمودا، ورواق الأمن ممدودا، والأهواء متّفقة، والكلمة مجتمعة، ونيران الفتن والضّلالة خامدة، وظنون بغاتها الساعين لها كاذبة، وطبقات الأولياء والرعيّة بما أعيد إليهم من الأمنة بعقب الخيفة، والأنسة بعد الوحشة، مستبشرين، وإلى الله في إطالة بقاء الأمير راغبين، وفي مسألته مخلصين. ولو لم يكن السّلم في كتاب الله مأمورا به، والصلح مخبرا عن الخير الذي فيه، لكان فيما ينتظم من حقن الدّماء وسكون الدّهماء، ويجمع من الخلال المحمودة والفضائل المعدودة المقدّم ذكرها، ما حدا عليه، ومثّل للعقول السليمة والآراء الصحيحة موضع الخيرة فيه، وحسن العائدة على الخاصّ والعامّ، فيما ينجلي للعيون من مشتبهات الظنون، إذ الريب واقع، والشكّ خالج بين المحقّ والمبطل، والحقّ والباطل، والجائر والمقسط، وقد قال الله عزّ وجلّ: لَوْلا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ
(الفتح: ٢٥) ، ناظرا للمسلمين من معرّة أو مضرّة تلحق بعضهم بغير علم، ومؤثرا تطهيرهم من ظنن العدوان، مع رفعه عنهم فرطات النّسيان، وكافّا أيدي المسلمين عن المشركين، كما كفّ أيديهم عن المسلمين، تحسّنا على بريّته، وإبقاء على أهل معصيته، إلى أن تتمّ لهم المحنة للذي ارتآه، والأمر الذي ارتضاه، وموقع الحمد في عاقبته، والسلامة في خاتمته، وبلّغه من غايات البقاء أمدها، ومن مواقع العيش أرغدها، مقصّرا أيدي النوائب عما خوّله، ومغضوضيا أعين الحوادث عما نوّله، إنه جوّاد ماجد.
٦٩٩- وفي مثل ذلك: الحمد لله ذي النعمة السابغة، والحكمة البالغة، والبلاء الجميل، والعطاء الجزيل، الذي جعل بعد عسر يسرا، وبعد ضنك رحبا،