والأئمّة الراشدين، سابقا لشأوهم بمهله، وموفيا عليهم بصالح عمله، وإن كانوا في الفضل على تشابه في المقاييس، وتصاقب في المنازل، غير أنّ الله تعالى فاوت بين الأنبياء في الدّرجات، وإن كان قد انتظمهم في مجامع الخيرات.
٧٠٩- كتب المعتصم إلى المأمون في كتاب فتح تولّاه له: وكتابي هذا كتاب منه لخبر، لا معتدّ بأثر.
[٧١٠]- كتب أبو الفضل ابن العميد- وهو محمد بن الحسين بن محمد، وأبوه أبو عبد الله الحسين، وكان وزيرا كاتبا بخراسان وأصله من قم- إلى ملكان ونداد خرشيد «١» عند استعصائه على ركن الدولة أبي علي: كتابي وأنا مترجّح بين طمع فيك، ويأس «٢» منك، وإقبال عليك، وإعراض عنك، فإنك تدلّ بسابق حرمة، وتمتّ بسالف خدمة، أيسرهما يوجب رعاية، ويقتضي محافظة وعناية، ثم تشفعهما بحادث غلول وخيانة، وتتبعهما بآنف خلاف ومعصية، وأدنى ذلك يحبط أعمالك، ويمحق كلّ ما يرعى لك. لا جرم أني وقفت بين ميل إليك، وميل عنك، أقدّم رجلا لصمدك، وأؤخّر أخرى عن قصدك، وأبسط يدا لاصطلامك واجتياحك، وأثني ثانية نحو استبقائك واستصلاحك، وأتوقّف عن امتثال بعض المأمور فيك، ضنّا بالنعمة عندك، ومنافسة في الصّنيعة لديك، وتأميلا لفيئتك وانصرافك، ورجاء لمراجعتك وانعطافك، فقد يغرب العقل ثم يؤوب، ويعزب اللّبّ ثم يثوب، ويذهب الحزم ثم يعود، ويفسد العزم ثم يصلح، ويضاع الرأي ثم يستدرك، ويسكر المرء ثم يصحو، ويكدر الماء ثم يصفو؛ وكلّ ضيقة فإلى رخاء، وكل غمرة فإلى انجلاء. وكما أنك أتيت من