للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلومه، يمسح جبينه، ويكثر أنينه. فقمت فقامت معي الجماعة وتركته، واستهانت به وفركته، فلما بقي وحده، تمنى لحده، وأسبل دمعته، وودّ أنّ الأرض بلعته: [من الطويل]

وكان كمثل البوّ ما بين روّم ... يلوذّ بحقويه السّراة الأكابر

فأصبح مثل الأجرب الجلد مفردا ... طريدا فما تدنو إليه الأباعر

فقام فتبعني، ووقف وودّعني، وأطال الاعتذار، وأظهر التوبة والاستغفار، وقال: مثلك من سدّ الخلل، وأقال العثرة والزلل، فقد اغتررت من سنّك بالحداثة، ومن زيّك بالرثاثة، ومن أخلاقك بالدماثة. فقلت: كلّ ذلك مفهوم معلوم، وأنت فيه معذور لا ملوم، وما جرى بيننا منسيّ غير مذكور، ومطويّ غير منشور، ومخفي غير مشهور: [من الكامل]

وجدال أهل العلم ليس بقادح ... ما بين غالبهم إلى المغلوب

ثم سكت فما أعاد، ونزلت وعاد، وكان ذلك أول عهد به وآخره، وباطن لقاء وظاهره، وكلّ اجتماع وسائره. (وبعد ذلك شعر ألغيت ذكره) .

[٧٤٦]- ومما أنشأه أبو محمد القاسم بن علي الحريري من مقاماته:

حكى الحارث بن همّام قال: ملت في ريّق زماني «١» الذي غبر، إلى مجاورة أهل الوبر، لآخذ أخذ نفوسهم «٢» والسنتهم العربيّة، فشمّرت تشمير من لا يألو جهدا، وجعلت أضرب في الأرض غورا ونجدا، إلى أن اقتنيت هجمة من


[٧٤٦] هذه هي المقامة الوبرية، انظر شرح الشريشي على مقامات الحريري ٣: ٢٩٧ (والرمز ش لهذا الشرح) .

<<  <  ج: ص:  >  >>