الراغية، وثلة من الثاغية «١» ، ثم أويت إلى عرب أرداف أقيال «٢» ، وأبناء أقوال «٣» ، فأوطنوني أمنع جناب، وفلوا عني حدّ كلّ ناب، فما تأوّبني عندهم همّ، ولا قرع صفاتي سهم، إلى أن أضللت في ليلة منيرة البدر لقحة غزيرة الدرّ، فلم أطب نفسا بالغاء طلبها، وإلقاء حبلها على غاربها، فتدثرت فرسا محضارا «٤» ، واعتقلت لدنا خطّارا، وسريت ليلتي جمعاء أجوب البيداء، وأقتري كلّ شجراء ومرداء «٥» ، إلى أن نشر الصبح راياته، وحيعل الداعي إلى صلاته، فنزلت عن متن الرّكوبة لأداء المكتوبة. ثم جلت في صهوتها، وفررت عن شحوتها «٦» ، وسرت لا أرى أثرا إلّا قفوته، ولا نشزا إلّا علوته، ولا واديا إلّا جزعته، ولا راكبا إلّا استطلعته، وجدّي مع ذلك يذهب هدرا، ولا يجد ورده صدرا، إلى أن حانت صكّة عميّ «٧» ، ولفح هجير يذهل غيلان عن ميّ، وكان يوما أطول من ظلّ القناة، وأحرّ من دمع المقلات «٨» ، فايقنت أني إن لم أستكنّ من الوقدة وأستجمّ بالرقدة، أدنفني اللغوب، وعلقت بي شعوب، فعجت إلى سرحة كثيفة الأغصان وريقة الأفنان، لأغوّر تحتها إلى المغيربان «٩» . فو الله ما استروح نفسي، ولا استراح فرسي، حتى نظرت إلى سانح، في هيئة سائح، وهو ينتجع نجعتي ويشتد إلى بقعتي، فكرهت انعياجه إلى معاجي، واستعذت بالله من شرّ كل مفاجي. ثم ترجّيت أن يتصدّى منشدا، أو يتبدّى مرشدا، فلمّا اقترب من