للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ينظر إلى الأموال تفرّق يمينا وشمالا، فوثب قائما على رجليه ورمى بالدنانير من كمّه وقال للرشيد: أقلني أقالك الله [من] عثرتك. فقال له الرشيد: لا أفعل.

فجعل يستحلفه ويضطرب ويلجّ، والرشيد يضحك ويقول: ما إلى ذلك سبيل؛ الشرط أملك. فلما عيل صبره أخذ الدنانير فرمى بها بين يدي الرشيد رحمه الله تعالى وقال: هاكها فقد رددتها عليك، وزدتك فرج أمّ صدقة فطلّقها إن شئت واحدة وإن شئت ألفا، وإن لم تلحقني بجوائز القوم فألحقني بجائزة هذا البارد عمرو الغزال، وكانت ثلاثة آلاف دينار. فضحك الرشيد حتى استلقى ثم ردّ عليه الخمسمائة دينار، وأمر له بألف دينار أخرى معها. والله أعلم.

«٥٩٥» - كان أبو نخيلة الحمّاني سائلا ملحّا ملحفا، وبنى دارا، فمرّ به خالد بن صفوان فوقف عليه، فقال له أبو نخيلة: يا ابن صفوان، كيف ترى؟

قال: رأيتك سألت فيها إلحافا، وأنفقت ما جمعت فيها إسرافا، جعلت إحدى يديك سطحا والأخرى سلحا، وقلت: من وضع في سطحي وإلا ملاته بسلحي، ثم ولّى وتركه. فقيل له: ألا تهجوه؟ فقال: إذن يركب والله بغلته ويطوف في مجالس البصرة ويصف أرنبتي، فما عسى يضرّ الإنسان صفة أرنبته بما يعيبها سنة لا يعيد فيها كلمة؟

«٥٩٦» - قال العتبيّ رحمه الله تعالى: لمّا حبس عمر بن هبيرة- وهو أمير العراق- الفرزدق، وأبى أن يشفّع فيه أحدا، فدخل أبو نخيلة في يوم فطر فوقف بين يديه فقال: [من الرجز]

أطلقت بالأمس أسير بكر ... فهل فداك بقرى ووفر

من سبب أو حجّة أو عذر ... تنجي التميميّ القليل الشّكر

من حلق القدّ الثّقال السمر ... ما زال مجنوبا على است الدّهر

<<  <  ج: ص:  >  >>