أهّلتني لهذه المنزلة، فإنّ لي كنز علم لست أعمل إلّا به، وتركته في الحيّ مدفونا؛ وإنّ قومي أضنّاء بي، فاكتب لي سجلا بحماية الطريق فيرى قومي طمعا تطيب أنفسهم به عنّي، فأستخرج كنزي وأعود إليك وافدا. فكتب له سجلا بحماية الطريق. وجاء إلى أصحابه فقال: ارتحلوا عني، حتى إذا برّزوا قالوا: لم نر كاليوم وافد قوم أقلّ ولا أبعد نوالا منك! فقال لهم: مهلا فما على الرزق فوت، وغانم من نجا من الموت، ومن لم ير باطنا يعش واهنا. فلما قدم على قومه قال: ربّ أكلة تمنع أكلات- وهو أوّل من قاله- ولم يرجع إلى الملك.
٦٦٧- قال أبو عبيدة: استبّ عمارة بن عقبة بن أبي معيط وحجر بن زيد الكنديّ [١] ، وكان حجر قد ولي أرمينية لمعاوية، وكان شريفا. فقال حجر لعمارة: يا صفّوريّ، فقال: اشهدوا. وارتفعا إلى المغيرة بن شعبة، فقال المغيرة: إني لأكره أن أدخل بين عامل أمير المؤمنين وبين ابن عمّه، ارحلا إليه. فلما قدما عليه قال عمارة: يا أمير المؤمنين، ركب مني ما لم يركب من أحد؛ شتمت ونفيت عن حسبي ونسبي، فقال: لعلّك أشهدت عليه؟ قال: نعم. قال: أصبت. ثم دخل حجر على معاوية وعنده معاوية بن حديج السّكونيّ وسعد ابن نمرة الهمداني، فسلّم، فقال معاوية: مرحبا وأهلا وسهلا برجل إن حددناه لم ينقص من مروءته ولا شرفه ولا منزلته عندنا شيء. فقال معاوية لابن حديج: أبصرته؟ قال: نعم، قال:
أنا أشهد أني سمعتك تذكر أنه صفّوريّ. قال: ويلك، انظر ما تقول. قال ابن حديج لسعد: يا أبا سعيد، أما سمعته وهو يقول ذلك؟ قال: بلى غير مرة. قال: ويحكما اتقيا الله! قال ابن حديج لسعد: أما سمعته يقول ذلك؟ قال: بلى، هو لهذا أذكر منك. قال معاوية: عليكم لعنة الله! ثم قال: يا عمارة، المستشار مؤتمن، قال:
فإني استشرتك، قال: أشير عليك أن تدع هذا الحدّ، قال: تركته.
٦٦٨- قال الربيع بن زياد الحارثيّ: كنت عاملا لأبي موسى الأشعريّ على