«٧٢٣» - كان أبو جعفر المنصور أيام بني أميّة إذا دخل البصرة دخل مستترا يجلس في حلقة أزهر السّمّان المحدّث. فلما أفضت إليه الخلافة قدم عليه، فرحّب به وقرّبه وقال: حاجتك يا أزهر، قال: يا أمير المؤمنين، داري متهدّمة، وعليّ أربعة آلاف دينار، وأريد أن أزوّج محمدا ابني، فوصله باثني عشر ألفا وقال: قد قضينا حاجتك يا أزهر، فلا تأتنا طالبا، فأخذها وانصرف. فلما كان بعد سنة أتاه، فقال له أبو جعفر: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: جئت مسلّما. قال: إنه يقع في خلد أمير المؤمنين أنك جئت طالبا، فقال: ما جئت إلا مسلّما. قال: قد أمرنا لك باثني عشر ألفا، واذهب ولا تأتنا طالبا ولا مسلّما. فأخذها ومضى، فلما كان بعد سنة أتاه، قال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: جئت عائدا، قال: إنّه وقع في خلدي أنّك جئت طالبا، قال: ما جئت إلا عائدا، قال: قد أمرنا لك باثني عشر ألفا، ولا تأتنا طالبا ولا مسلّما ولا عائدا، فأخذها وانصرف. فلما مضت السنة أقبل، قال: ما جاء بك يا أزهر؟ قال: دعاء كنت أسمعه منك يا أمير المؤمنين تدعو به جئت لأكتبه فإنّه مستجاب. فضحك المنصور وقال: إنّه غير مستجاب؛ وذاك أني دعوت الله تعالى أن لا أراك، فلم يستجب لي، وقد أمرنا لك باثني عشر ألفا، وتعالى إذا شئت، فقد أعيتني الحيلة فيك.
«٧٢٤» - أكثر الأحوص من التشبيب بأمّ جعفر، وهي امرأة من الأنصار، ولم يكن بينهما معرفة، فنهاه عنها أخوها أيمن فلم ينته. فاستعدى عليه عمر بن عبد العزيز، فربطهما في حبل ودفع إليهما سوطين وقال لهما: تجالدا، وقد ذكرنا خبرهما في ذلك في باب الأجوبة الدامغة. فلما أعيا أمّ جعفر أمر الأحوص جاءت إليه وهي منتقبة فوقفت عليه في مجلس قومه ولا يعرفها، فقالت:
اقضني ثمن الغنم التي ابتعتها مني، قال: ما ابتعت منك شيئا. فأظهرت كتابا