الصمّاء أن يردّ فضل ثوبه على عضده اليمنى ثم ينام عليها، فبينا هو نائم إذ جثم عليه رجل فقعد إلى جنبه وقال: استأسره، فرفع السليك إليه رأسه وقال: الليل طويل وأنت مقمر، فأرسلها مثلا، فجعل الرجل يلمزه ويقول: يا خبيث استأسر، فلما آذاه بذلك أخرج السليك يده وضمّ الرجل إليه ضمّة ضرط منها وهو فوقه، فقال السّليك: أضرطا وأنت الأعلى! فأرسلها مثلا، ثم قال السليك: ما أنت؟ قال: رجل افتقرت فقلت: لأخرجنّ فلا أرجع إلى أهلي حتى أستغني قال: فانطلق معي، فانطلقا فوجدا رجلا قصّته مثل قصّتهما، فاصطحبوا جميعا حتى أتوا الجوف جوف مراد، فلما أشرفوا عليه إذا فيه نعم قد ملأ كلّ شيء من كثرته، فهابوا أن يغيروا فيطردوا بعضها ويلحقهم الطلب فقال لهم سليك: كونوا قريبا منّي حتّى آتي الرّعاء فأعلم لكما علم الحيّ، أقريب أم بعيد هم، فإن كانوا قريبا رجعت إليكما، وإن كانوا بعيدا قلت لكما قولا أوحي إليكما به فأغيرا. فانطلق حتى أتى الرّعاء فلم يزل يستنطقهم حتى أخبروه مكان الحيّ. فإذا هم بعيد، إن طلبوا لم يلحقوا، فقال السليك للرّعاء: ألا أغنّيكم؟
قالوا: بلى، غنّينا، فرفع صوته وغنّى:[من البسيط]
يا صاحبيّ ألا لا حيّ بالوادي ... سوى عبيد وأمّ بين أذواد
أتنظران قريبا ريث غفلتهم ... أم تغدوان فإن الربح للغادي
فلما سمعا ذلك أتيا السّليك فطردوا الإبل فذهبوا بها، ولم يبلغ الصريخ الحيّ حتى فاتوهم بالإبل.
«٨٤٩» - قال نميريّ لفقعسي: إني أريد إتيانك فأجد على بابك خرءا، فقال له الفقعسيّ: اطرح عليه ترابا وادخل، أراد النّميريّ قول الشاعر:[من الوافر]