فقال: لطفت، بل أعطوه مائة دينار وأعطوا الرسول خمسين دينارا من مالنا عوضا عن الخمسين التي أراد أن يأخذها من أشعب. فقبضتها وقمنا، وما حظي بشيء غيري وغير الأبجر.
«٩٨» - قال يزيد بن عبد الملك لحبابة: هل رأيت قطّ أطرب منّي؟ قالت:
نعم، مولاي الذي باعني. فغاظه ذلك، فكتب في حمله مقيّدا، فلما عرف خبر وصوله أمر بإدخاله إليه، فأدخل يرسف في قيوده، فأمرها أن تغنّي، فغنّت:
[من المتقارب]
تشطّ غدا دار جيراننا ... وللدّار بعد غد أبعد
فوثب حتى ألقى نفسه على الشمعة فأحرق لحيته وجعل يصيح: الحريق يا أولاد الزّنا، فضحك يزيد وقال: لعمري إن هذا مما يطرب الناس، وأمر بحلّ قيوده، ووصله بألف دينار، ووصلته حبابة، وردّه إلى المدينة.
«٩٩» - قال محمد بن إبراهيم: كنت عند مخارق أنا وهارون بن أحمد بن هشام، فلعب مع هارون [بالنّرد] فقمره مخارق مائتي رطل باقلا طريّا. فقال مخارق: وأنتم عندي أطعمكم من لحم جزور من الصناعة- من صناعة أبيه- يحيى بن فارس الجزّار. قال: ومرّ بهارون بن أحمد فصيل ينادى عليه، فاشتراه بأربعة دنانير ووجّه إلى مخارق وقال: يكون ما تطعمنا من هذا الفصيل.
فاجتمعنا وطبخ مخارق بيده جزوريّة، وعمل من سنامه وكبده ولحمه ضفائر شويت في التنور، وعمل من لحمه لونا يشبه الهريسة بشعير مقشّر في نهاية الطيب. فأكلنا وجلسنا نشرب، فإذا نحن بامرأة تصيح من الشّطّ: يا أبا المهنّا، الله الله فيّ! حلف زوجي بالطلاق أن يسمع غناءك ويشرب عليه. قال: فجيئي به، فجاء فجلس فقال له: ما حملك على ما صنعت؟ فقال له: يا سيّدي، كنت