للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت صوتا من صنعتك، فطربت عليه حتى استخفّني الطرب، فحلفت أن أسمعه منك ثقة بإيجابك حقّ زوجتي، وكانت زوجته داية هارون بن مخارق، فقال: وما هو الصوت؟ فقال: [من الكامل المرفّل]

بكرت عليّ وهيّجت وجدا ... هوج الرّياح فأذكرت نجدا

أتحنّ من شوق إذا ذكرت ... نجد وأنت تركتها عمدا

والشعر لحسين بن مطير. فغنّاه إيّاه وسقاه رطلا وأمره بالانصراف ونهاه أن يعاود، وخرج فما لبث أن عادت المرأة تصرخ: الله الله يا أبا المهنّا! قد أعاد زوجي المشؤوم اليمين أنك تغنّيه صوتا آخر. فقال لها: أحضريه، وقال:

ويلك! ما لي ولك؟ أيّ شيء قصّتك؟ فقال: يا سيّدي، أنا رجل طروب، وقد كنت سمعت صوتا لك آخر فاستفزّني الطرب إلى أن حلفت بالطلاق ثلاثا أنّي أسمعه منك. قال: وما هو؟ قال: لحنك في [١] : [من البسيط]

أبلغ سلامة أنّ البين قد أفدا ... وأن صحبك عنها رائحون غدا

هذا الفراق يقينا إن صبرت له ... أو لا فإنّك منها ميّت كمدا

لا شكّ أنّ الذي بي سوف يهلكني ... إن كان لله حب بعدها أبدا [٢]

فغنّاه إيّاه مخارق وسقاه رطلا وقال له: احذر أن تعاود. وانصرف فلم يلبث أن عاودت [المرأة] الصّراخ تصرخ: يا سيّدي قد عاود اليمين ثالثة، الله الله فيّ وفي أولادي! قال: هاتيه، فأحضرته. فقال لها: انصرفي أنت، فإنّ هذا كلّما انصرف حلف وعاد، فدعيه يقيم يومه كلّه، فتركته وانصرفت، فقال له مخارق: ما قصّتك أيضا؟ قال: قد عرّفتك أني طروب، وكنت سمعت صوتا من صنعتك استخفّني الطرب له، فحلفت أني أسمعه منك، قال: وما هو؟ قال:


[١] قال أبو الفرج: الشعر للأحوص وينسب لعمر. انظر ديوان الأحوص ص ٢١٨ و ١٠٥ وديوان عمر بن أبي ربيعة: ٩٨.
[٢] الأغاني: ان كان أهلك حب قبله أحدا.

<<  <  ج: ص:  >  >>