ضحكي مما تفعل؟ والله ما سبقك إلى هذا أحد. ثم قلت: انظر أي شيء أخذت على الصبيّ من القرآن، وأيّ شيء تلقي على الصبية، وإني لأظنّك ممّن يشتري لهو الحديث ليضلّ عن سبيل الله. فقال: أرجو أن لا أكون كذلك إن شاء الله.
١٠٣- شهد رجل من قريش عند محمد بن سعد قاضي المدينة، فأقبل على المشهود له فقال: زدني شاهدا، فقال الشاهد: وحقّ القبر والمنبر لا أقوم حتى يعلم الناس أظالم أنا أم مظلوم، علام تردّ شهادتي!؟ قال: أخبرك: أرأيت يوم كنّا عند فلان فغنّتنا [....] فقلت لها: أحسنت والله الذي لا إله إلا هو! والله يعلم أنّها لم تحسن ولم تجمل. فقال: أنشدك الله أيها القاضي، أقلت ذلك لها وهي تغنّي أم بعد ما سكتت؟ فقال: اللهمّ بعد ما سكتت، قال: فإنّما قلت ذلك لسكوتها حين سكتت لا لغنائها، قال: آلله، أجيزوا شهادته.
١٠٤- وقال إبراهيم الموصليّ: كان عندنا بالموصل مغنّ يغنّي بنصف درهم ويسكت بدرهم.
١٠٥- كتب علي بن نصر الكاتب إلى بعض إخوانه يصف دعوة رسالة فيها:
فكان أوّل ما خوّلنيه الدخول إلى حمّامه، فلقيت من ضرّه وزمهريره ما حبّب إليّ النار وزفيرها، والجحيم وسعيرها، وثنّى إحسانه بخيش يلفح الوجوه، وأتى الغداء المأدوم بشجر الزقّوم، والماء المحدوم بريح السّموم، فأكلنا وقد أكلنا بين سنّور يسلب وزنبور يلسب، وبقّ يلدغ، وحرّ يدمغ، وأنا في أثناء ذلك أستعيذ من شرّته، وأفرق من ثورته، وأنعت كلّ بليّة أقاسيها، بصفة من المحاسن ليست فيها. ومضينا إلى مجلس قد غبّ ريحانه، وأكبّ دخانه، وتراكب ضبابه، وانصبّ ذبابه، وكدر نبيذه، وكثر وقيذه، وضاق مجاله، وعدمت أبقاله، ولفحت هواجره، ودارت دوائره، والأنفاس فيه محبوسة، والأرواح معه معكوسة، واللذات منه بعيدة، والحسرات فيه شديدة. وإنّا لكذلك في عظم