للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غدوات الصيف طيّبة النسيم، فركضه برجله وقال: مالك تنام عن الدنيا في أطيب أوقاتها؟ نم عنها في أخبث حالاتها، نم نصف النهار لبعدك من الليلة الماضية والجائية، ولأنها راحة لما قبلها من التعب، وجمام لما بعدها من العمل، نمت في وقت الحوائج وتنتبه في وقت رجوع الناس، وقد جاء: قيلوا فإن الشياطين لا تقيل.

[١٠٥٩]- وكان رجل من العرب في الجاهلية إذا رأى رجلا يظلم ويعتدي يقول: فلان لا يموت سويا فيرون ذلك، حتى مات رجل ممن قال فيه ذلك سويّا، فقيل له مات فلان سويا، فلم يقبل حتى تتابعت الأخبار، فقال: إن كنتم صادقين إن لكم دارا سوى هذه تجازون فيها.

[١٠٦٠]- قال زياد: ما غلبني معاوية بشيء من أمر السياسة إلّا في شيء واحد، قيل ما هو؟ قال: وليت رجلا دستميسان فكسر عليّ الخراج، وهرب فلحق بمعاوية، فكتبت إليه أسأله أن يبعث به، فكتب إليّ: أما بعد، فإنه ليس لمثلي ومثلك أن نسوس الناس بسياسة واحدة، أن نشتدّ عليهم جميعا فنخرجهم، أو نلين لهم فنمرجهم، ولكن تلي أنت الفظاظة والغلظة، وألي أنا الرأفة والرحمة، فإذا هرب هارب من باب وجد بابا يدخل فيه؛ ولقد نظر معاوية لنفسه واختار أخفّ السياستين وأحبّهما إلى الناس.

[١٠٦١]- ويشبه هذا ما روي عنه أنه قال: إذا لم يكن الهاشميّ جوادا لم يشبه قومه، وإذا لم يكن الأموي حليما لم يشبه قومه، وإذا لم يكن المخزوميّ تيّاها لم يشبه قومه. فبلغ ذلك الحسن بن عليّ فقال: ما أجود ما


[١٠٥٩] عيون الاخبار ١: ٧٥.
[١٠٦٠] العقد ١، ٢٤٢ ولباب الآداب: ٥٢ ومحاضرات الراغب ١: ١٦٦ والجوهر النفيس:
٣٦/أ.
[١٠٦١] البيان والتبيين ٤: ٦١ (لمعاوية) وعيون الاخبار ١: ١٩٦ وربيع الابرار ٢٨٣/أونثر الدر ١:
٣٣١ وقارن بمحاضرات الراغب ١: ٣٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>