للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومسؤول عمّا لا أعرف، ولكنه حين رآني للملك أهلا، ورأى للخلافة خطرا وثمنا، ورأى أنّ لي يدا تنالها إذا مدّت، وتبلغها إذا بسطت، ونفسا تكمل لها بخصالها، وتستحقها بخلالها، وإن كنت لم أختر تلك الخصال، ولا اصطنعت تلك الخلال، ولم أترشح [١] لها في سرّ، ولا أشرت إليها في جهر، ورآها تحنّ إليّ حنين الواله، وتميل نحوي ميل الهلوك، وخاف أن ترغب إلى خير مرغب وتنزع إلى أخصّ [٢] منزع، عاقبني عقاب من قد سهر في طلبها، ونصب في التماسها، وتعذّر [٣] لها بجهده، وتهيأ لها بكلّ حيلة. فإن كان إنما حبسني على أني أصلح لها وتصلح لي، وأليق بها وتليق بي، فليس ذلك بذنب فأتوب منه، ولا تطاولت له فأحطّ نفسي عنه. وإن زعم أنه لا صرف لعقابه، ولا نجاة من إعطابه، إلّا بأن أخرج له من الحلم والعلم، ومن الحزم والعزم، فكما لا يستطيع المضياع أن يكون حافظا، كذلك العاقل لا يستطيع أن يكون جاهلا، وسواء عاقبني على عقلي وعلمي أم على نسبي وسببي، وسواء عاقبني على خلالي أو على طاعة الناس لي، ولو أردتها لأعجلته عن التفكير، ولشغلته عن التدبير، ولما كان فيه من الخطار إلا اليسير، ومن بذل الجهد إلا القليل.

«٩٠» - كان سبب فتح المتعصم لعمورية أنّ امرأة من الثغر سبيت فصاحت: وا محمداه وامعتصماه، فبلغه الخبر، فركب لوقته وتبعه الجيش، فلما فتحها قال: لبيك.

«٩١» - ولما أسر المعتضد وصيفا عاد إلى إنطاكية وعليه قباء أصفر،


[١] نثر: أرشح.
[٢] نثر: أحص؛ م: أحصن.
[٣] م ونثر: وتقدر.

<<  <  ج: ص:  >  >>