اغرب لعنك الله وغضب عليك، وضحك جميع من حضر ومرّ السائل يضحك؛ فالتفت إلينا أبو العتاهية وقد اغتاظ فقال: من أجل هذا وأمثاله حرمت الصدقة، فقلنا له: ومن حرّمها؟ ومتى حرّمت؟ فما رأيت أحدا ادّعى أنّ الصدقة حرمت قبله ولا بعده.
«٩٩١» - قال محمد بن زيد بن علي بن الحسين: اجتمع قوم من قريش أنا فيهم، فأحببنا أن نأتي ابن هرمة فنعبث به، فتزودنا زادا كثيرا ثم أتيناه لنقيم عنده، فلما انتهينا إليه خرج علينا فقال: ما جاء بكم؟ فقلنا: سمعنا شعرك فدعانا إليك لما سمعناك قلت: [من الكامل]
إنّ امرءا جعل الطريق لبيته ... طنبا وأنكر حقّه للئيم
وسمعناك قلت [١] : [من المنسرح]
كم ناقة قد وجأت منحرها ... بمستهلّ الشؤبوب أو جمل
لا أمتع العوذ بالفصال ولا ... أبتاع إلا قريبة الأجل
قال: فنظر إلينا طويلا ثم قال: ما على الأرض عصابة أضعف عقولا ولا أسخف دينا منكم، فقلنا: يا عدوّ الله يا دعيّ، أتيناك زائرين، تسمعنا مثل هذا الكلام؟ فقال: أما سمعتم الله عز وجل يقول للشعراء وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ ما لا يَفْعَلُونَ
(الشعراء: ٢٢٦) أفيخبركم الله أني أقول ما لا أفعل وتريدون مني أن أفعل ما أقول؟ قال: فضحكنا منه وأخرجناه فأقام عندنا في نزهتنا يشركنا في زادنا حتى انصرفنا إلى المدينة.