شرح هذا الكتاب ونشر معانيه ومن تلك الشروح وألطفها مسلكاً هو الذي صنفه العالم الرباني مولانا شمس الدين الأصبهاني فإنه بقدر طاقته حام حول مقاصده وتلقاه الفضلاء بحسن القبول حتى أن السيد الفاضل قد علق عليه حواشي تشتمل على تحقيقات رائقة وتدقيقات شائقة تنفجر من ينابيع تحريراته أنهار الحقائق وتنحدر من علو تقريراته سيول الدقائق ومع ذلك كان كثير من مخفيات رموز ذلك الكتاب باقياً على حاله بل كان الكتاب على ما كان كونه كنزاً مخفياً وسراً مطوياً كدرة لم تثقب لأنه كتاب غريب في صنعته يضاهي الألغاز لغاية إيجازه ويحاكي الإعجاز في إظهار المقصود وإبرازه وإني بعد أن صرفت في الكشف عن حقائق هذا العلم شطراً من عمري ووقفت على الفحص عن دقائقه قدراً من دهري فما من كتاب في هذا العلم إلا تصفحت سينه وشينه بعثني [أبت نفسي] أن يبقي تلك البدائع تحت غطاء من الإلهام [من الإبهام] فرأيت أن اشرحه شرحاً يذلل صعابه ويكشف نقابه وأضيف إليه فوائد التقطتها من سائر الكتب وزوائد استنبطتها بفكري القاصر فتصديت بما عنيت فجاء بحمد الله تعالى كما يحبه الأوداء لا مطولاً فيمل ولا مختصراً فيخل مع تقرير لقواعده وتحرير لمعاقده وتفسير لمقاصده انتهى ملخصا وإنما أوردته ليعلم قدر المتن والماتن وفضل الشرح والشارح. ثم إن الفاضل العلامة المحقق جلال الدين محمد بن أسعد الصديقي الدواني المتوفى سنة سبع وتسعمائة كتب حاشية لطيفة على الشرح الجديد حقق فيها وأجاد وقد اشتهرت هذه بين الطلاب بالحاشية القديمة الجلالية.
ثم كتب المولى المحقق مير صدر الدين محمد الشيرازي المتوفى في حدود سنة ثلاثين وتسعمائة حاشية لطيفة على الشرح الجديد أيضاً وأهداها إلى السلطان بايزيد خان مع المولى ابن المؤيد وفيها اعتراضات على الجلال. ثم كتب المولى الجلال الدواني حاشية أخرى رداً على حاشية الصدر وجواباً عن اعتراضاته وتعرف هذه بالحاشية الجديدة الجلالية. ثم كتب العلامة الصدر حاشية ثانية رداً على حاشية الجلال وجواباً عن اعتراضاته وأول هذه الحاشية صدر كلام أرباب التجريد الخ ذكر فيه أنه قد يقع لبعض أجلة الناس فيما كتبه على الشرح اشتباه والتباس وأن بعضاً من ضعفاء الطلبة ينظر إلى من يقول لجلالة شأنه ولا ينظر إلى ما يقول فكتب ثانياً حاشية محققة لما في الشرح والحاشية بما لا مزيد عليه وأورد فيها نبذاً من توفيقات ولده منصور سيما في مقصد الجواهر فإن له فيها ما يجلو النواظر وصدر