وسلم: ائت الميضأة فتوضأ، ثم صل ركعتين، ثم ادع بهذه الدعوات، قال ابن حنيف فو الله ما تفرقنا، وطال بنا الحديث حتى دخل علينا الرجل كأنه لم يكن به ضر قط، ورواه البيهقي من طريقين بنحوه.
قال السبكي: والاحتجاج من هذا الأثر بفهم عثمان ومن حضره الذين هم كانوا أعلم بالله ورسوله وبفعلهم.
قلت: وقد سبق في قبر فاطمة بنت أسد رضي الله تعالى عنها قوله صلى الله تعالى عليه وسلم في دعائه إليها «بحق نبيك والأنبياء الذين من قبلي» وأن في سنده روح بن صلاح وثقه ابن حبان والحاكم وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح، وفيه دلالة ظاهرة للحال الثاني بالنسبة إليه صلى الله تعالى عليه وسلم، وكذا للحال الثالث، لقوله صلى الله عليه وسلم «الأنبياء الذين من قبلي» .
وقد يكون التوسل به صلى الله عليه وسلم بعد الوفاة بمعنى طلب أن يدعو كما كان في حياته، وذلك فيما رواه البيهقي من طريق الأعمش عن أبي صالح عن مالك الدار، ورواه ابن أبي شيبة بسند صحيح عن مالك الدار، قال: أصاب الناس قحط في زمان عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه، فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال: يا رسول الله، استسق الله لأمتك فإنهم قد هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم في المنام فقال: ائت عمر فاقرئه السلام وأخبره أنهم مسقون، وقل له: عليك الكيس الكيس، فأتى الرجل عمر رضي الله تعالى عنه فأخبره، فبكى عمر رضي الله تعالى عنه ثم قال: يا رب ما آلو إلا ما عجزت عنه.
وروى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام المذكور بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة رضي الله تعالى عنهم.
ومحل الاستشهاد طلب الاستسقاء منه صلى الله تعالى عليه وسلم وهو في البرزخ ودعاؤه لربه في هذه الحالة غير ممتنع، وعلمه بسؤال من يسأله قد ورد، فلا مانع من سؤال الاستسقاء وغيره منه كما كان في الدنيا.
وسبق في الفصل الحادي والعشرين من الباب الرابع ما رواه أبو الجوزاء قال: قحط أهل المدينة قحطا شديدا فشكوا إلى عائشة رضي الله تعالى عنها، فقالت: فانظروا إلى قبر النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فاجعلوا بينه كوّة إلى السماء حتى لا يكون بينه وبين السماء سقف، ففعلوا، فمطروا الخبر المتقدم.
وقد يكون التوسل به صلى الله تعالى عليه وسلم بطلب ذلك الأمر منه، بمعنى أنه