للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلنا: مساق الحديث لبيان أدب المصلي في كيفية البصق، من غير تعرض لكونه في مسجد، والبصاق في المسجد قد بينه منطوق الحديث السابق؛ فلا يترك بهذا، وأفاد القفال في فتاويه- وقد ذكر حديث النخامة في المسجد- فائدة حسنة فقال: هذا الخبر محمول على ما إذا نزلت النخامة من الرأس، أما إذا كانت من الصدر فهي نجسة؛ فلا يجوز دفنها في المسجد» .

وروى أبو داود من حديث ابن عمر قال: بينا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يخطب يوما إذ رأى نخامة في قبلة المسجد، فتغيظ على الناس، ثم حكّها، وأحسبه قال: فدعا بزعفران فلطّخه به، وقال: إن الله قبل وجه أحدكم فلا يبزقن بين يديه.

وروى ابن شبة عن شيخه خلاد بن يزيد بن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلّى صلاة ذات يوم، فرأى في قبلة المسجد نخامة، فلما قضى صلاته أخذ عودا فحكها، ثم دعا يخلوق فخلّق مكانها، ثم أقبل على الناس فقال: يا أيها الناس إذا صلى أحدكم فلا يتفل أمامه ولا عن يمينه؛ فإنه يستقبل الرب عز وجل بوجهه.

[مبدأ تخليق المسجد]

وروى ابن شبة أيضا بسند جيد إلى أبي الوليد قال: قلت لابن عمر: ما بدء الزعفران- يعني: في المسجد- فقال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نخامة في المسجد، فقال: ما أقبح هذا! من فعل هذا؟ فجاء صاحبها فحكها وطلاها بزعفران، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هذا أحسن من ذلك.

ورواه يحيى بلفظ: قلت لابن عمر: يا أبا عبد الرحمن ألا تخبرني ما كان بدء هذه الصفرة التي في قبلة المسجد؟ قال: نعم، صلى بنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم حتى إذا انصرف رأى نخامة في القبلة، وذكره، وقال: فسارع الناس إليه، فكان هذا بدأه.

وروى النسائي وابن ماجه عن أنس قال: رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم نخامة في قبلة المسجد، فغضب حتى احمر وجهه، فقامت امرأة من الأنصار فحكتها، فجعلت مكانها خلوقا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ما أحسن هذا!

وروى ابن شبة أيضا بسند جيد عن أبي نضرة أن ذلك الذي بزق في قبلته جاء بشيء من زعفران فطلى ذلك المكان، فأعجب ذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.

وروي أيضا بسند لا بأس به قال: أبصر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حائط المسجد بزاقا، فحكه على خرقة، وأخرجه من المسجد، فجعل مكانه شيئا من طيب أو زعفران أو ورس.

وعن إبراهيم بن قدامة عن أبيه أن عثمان بن مظعون تفل في القبلة، فأصبح مكتئبا، فقالت له امرأته: ما لي أراك مكتئبا؟ قال: لا شيء إلا أني تفلت في القبلة وأنا أصلي، فعمدت إلى القبلة فغسلتها ثم عملت خلوقا فخلّقتها، فكانت أول من خلّق القبلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>