ذكرها صاحب «المسالك والممالك» في توابع المدينة ومخاليفها.
[خيبر:]
اسم ولاية مشتملة على حصون ومزارع ونخل كثير، والخيبر بلسان اليهود:
الحصن، ولذلك سميت بخيابر أيضا، لكثرة حصونها.
وقال أبو القاسم الزجاجي: سميت بخيبر أخي يثرب ابني قانئة بن مهليل بن إرم بن عبيل، وعبيل: أخو عاد، وعم الربذة وزرود والسفرة، وكان أول من نزل بها، وهي على ثلاثة أيام من المدينة، على يسار حاج الشام، نزلها النبي صلى الله عليه وسلم قريبا من شهر، وافتتحها حصنا حصنا، فأول ما افتتح حصن ناعم، ثم العموص حصن ابن أبي الحقيق، واختار سبايا منهن صفية، ثم جعل بيدنا الحصون والأموال حتى انتهى إلى الوطيح والسلالم فكانا آخر ما فتح، فحاصرهم بضع عشرة ليلة، حتى إذا أيقنوا بالهلكة صالحوه على حقن دمائهم وترك الذرية، على أن يخلوا بين المسلمين وبين الأرض والصفراء والبيضاء والبزة إلا ما كان منها على الأجساد، وأن لا يكتموه شيئا، فإن فعلوا فلا ذمة لهم فغيبوا مسكا كان لحيي بن أخطب فيه حليهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حتى نظفر بالمسك، فقتل ابن أبي الحقيق وسبى نساءهم وذراريهم، وأراد أن يجلى أهل خيبر فقالوا: دعنا نعمل في هذه الأرض فإن لنا بذلك علما، فأقرهم وعاملهم على الشّطر من التمر والحب، وقال: نقركم على ذلك ما شئنا أو ما شاء الله، فكانوا بها حتى أجلاهم عمر بعد ذلك.
وروى ابن شبة عن حسيل بن خارجة أن أهل الوطيح وسلالم صالحوا عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فكان ذلك له خاصة، وخرجت الكثيبة في الخمس، وهي مما يلي الوطيح وسلالم، فجمعت شيئا واحدا؛ فكانت مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من صدقاته، وهو يقتضي أن بعض خيبر فتح عنوة وبعضها صلحا، وبه يجمع بين الروايات المختلفة في ذلك، وهو الذي رواه ابن وهب عن مالك عن ابن شهاب قال: فتح بعضها عنوة وبعضها صلحا، والكثيبة أكثرها عنوة، وفيها صلح، قلت لمالك: وما الكثيبة؟ قال: أرض خيبر، وهي أربعون ألف عذق.
قلت: المراد أن الكثيبة بخيبر، لا أنها كل أرضها، لما سبق.
وروى ابن زبالة حديث «ميلان في ميل من خيبر مقدس» وحديث «خيبر مقدسة، والسوارقية مؤتفكة» وحديث «نعم القرية في سنيّات المسيح خيبر» يعني زمان الدجال.
وتوصف خيبر بكثرة التمر والنخل، قال حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه:
أتفخر بالكتان لما لبسته ... وقد لبس الأنباط ريطا مقصرا
وإنا ومن يهدي القصائد نحونا ... كمستبضع تمرا إلى أرض خيبرا