للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأسطوانة، قال: فإني رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يتحرى الصلاة عندها» ولفظ مسلم عن سلمة أنه كان يتحرى موضع المصحف يسبح «١» فيه، وذكر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كان يتحرى ذلك، وقد قدمنا في الكلام على المصلى الشريف ما يبين أن المراد هذه الأسطوانة.

[أسطوان القرعة]

ومنها أسطوان القرعة، وتعرف بأسطوان عائشة رضي الله عنها، وبالأسطوان المخلق أيضا، وبأسطوان المهاجرين.

روينا في كتاب ابن زبالة عن إسماعيل بن عبد الله عن أبيه أن عبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم وثالثا كان معهما دخلوا على عائشة رضي الله عنها فتذاكروا المسجد، فقالت عائشة: إني لأعلم سارية من سواري المسجد لو يعلم الناس ما في الصلاة إليها لاضطربوا عليها بالسهمان «٢» ، فخرج الرجلان وبقي ابن الزبير عند عائشة، فقال الرجلان: ما تخلف إلا ليسألها عن السارية، ولئن سألها لتخبرنه، ولئن أخبرته لا يعلمنا، وإن أخبرته عمد لها إذا خرج فصلى إليها، فاجلس بنا مكانا نراه ولا يرانا، ففعلا، فلم ينشب أن خرج مسرعا فقام إلى هذه السارية فصلى إليها متيامنا إلى الشق الأيمن منها، فعلم أنها هي، وسميت أسطوانة عائشة بذلك، وبلغنا أن الدعاء عندها مستجاب، هذا لفظ ابن زبالة.

وفي الأوسط للطبراني عن عائشة رضي الله عنها قالت: إن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: إن في مسجدي لبقعة قبل هذه الأسطوانة لو يعلم الناس ما صلوا فيها إلا أن تطير لهم قرعة، وعند عائشة جماعة من أبناء الصحابة فقالوا: يا أم المؤمنين وأين هي؟ فاستعجمت عليهم، فمكثوا عندها ساعة ثم خرجوا وثبت عبد الله بن الزبير فقالوا: إنها ستخبره بذلك المكان، فارقبوه في المسجد حتى تنظروا حيث يصلي، فخرج بعد ساعة فصلى عند الأسطوانة التي صلى إليها عامر بن عبد الله بن الزبير، فقيل لها: أسطوانة القرعة.

قال عتيق: وهي الأسطوانة التي هي واسطة بين القبر والمنبر: عن يمينها إلى المنبر أسطوانتان، وبينها وبين القبر أسطوانتان، وبينها وبين الرحبة أسطوانتان، وهي واسطة بين ذلك، وهي تسمى أسطوانة القرعة، هذا لفظ الأوسط.


(١) السّبحة: صلاة التطوع وهي مواضع السجود.
(٢) السهم: القدح يقارع به أو يلعب به في الميسر، أي الحظ والنصيب، وما يفوز به الظافر بالقرعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>