أساطينه من الخزر المكسر، وفيها آثار الرصاص وعمد الحديد وآثار الرمل بأرضه، ولعل الله تعالى يبعث له من يحييه.
[كهف بني حرام]
وينبغي لقاصد المسجد المذكور أن يزور كهف بني حرام قرب شعبهم المذكور؛ لما سيأتي في ذكر عين النبي صلى الله عليه وسلم عن عبد الملك بن جابر بن عتيك أن النبي صلى الله عليه وسلم «توضّأ من العيينة التي عند كهف بني حرام» قال: وسمعت بعض مشيختنا يقول: قد دخل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك الكهف.
وفي رواية أنهم كانوا- يعني الصحابة- يخرجون مع النبي صلى الله عليه وسلم ويخافون البيات، فيدخلونه كهف بني حرام فيبيت فيه، حتى إذا أصبح هبط، وإنه نقر العيينة التي عند الكهف.
ولما روى ابن شبة عن يحيى بن النصر الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم «جلس في كهف سلع» والمراد به كف بني حرام.
ولما روى الطبراني في الأوسط والصغير عن أبي قتادة قال: خرج معاذ بن جبل فطلب النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجده، فطلبه في بيوته فلم يجده، فاتّبعه في سكة سكة حتى دلّ عليه في جبل ثواب، فخرج حتى رقي جبل ثواب فنظر يمينا وشمالا فبصر به في الكهف الذي اتخذ الناس إليه طريقا إلى مسجد الفتح، قال معاذ: فإذا هو ساجد، فهبطت من رأس الجبل وهو ساجد فلم يرفع حتى أسأت به الظن، فظننته أنه قد قبضت روحه، فقال: جاءني جبريل بهذا الموضع فقال: إن الله تبارك وتعالى يقرؤك السلام ويقول لك: ما تحبّ أن أصنع بأمتك؟ قلت: الله أعلم، فذهب ثم جاء إلي فقال: إنه يقول: لا أسوءك في أمتك، فسجدت فأفضل ما تقرب به إلى الله عز وجل السجود.
قلت: وجبل ثواب لم أقف له على ذكر، ولكن يؤخذ من قوله في هذا الكهف إنه الذي اتخذ الناس إليه طريقا إلى مسجد الفتح أنه جبل سلع، والمراد اتخذ الناس إلى الكهف طريقا إلى طريق مسجد الفتح، فهو كهف بني حرام بقرينة ما سبق، والكهف كما في الصحاح: شبه البيت المنقور في الجبل، وهذا الكهف يظهر أنه الذي على يمين المتوجّه من المدينة إلى مساجد الفتح من الطريق القبلية أيضا إذا قرب من البطن الذي هو شعب بني حرام في مقابلة الحديقة المعروفة اليوم بالنقبينة عن يساره.
وكذلك الحصن المعروف بحصن حمل يكون في جهة يساره فهناك مجرى سائلة تسيل من سلع إلى بطحان، فإذا دخل في تلك السائلة وصعد يسيرا من سلع طالبا جهة المشرق كان الكهف المذكور على يمينه، وعنده أثر نقر ممتد في الجبل هو مجرى السائلة المذكورة، وإذا صعد