وقد تقدم في منازل يهود قول ابن زبالة: وكان لأهل الشوط الأطم الذي يقال له السرعي، وهو الأطم الذي دون ذباب، وسيأتي في ترجمة الشوط أنه قريب من منازل بني ساعدة، وقد رأيت لذباب ذكرا في أماكن كثيرة جدّا، وكلها متفقة على وصفه بما يدل على أنه الجبل الذي عليه مسجد الراية، بحيث زال الشك عندي في ذلك.
ويؤخذ مما سيأتي في ترجمة الخندق أن الصخرة- التي خرجت- من بطن الخندق وهم يحفرونه، وضربها النبي صلى الله عليه وسلم بالمعول الحديث كانت تحته، لكنه سمي في تلك الرواية ذو باب بزيادة واو، والله أعلم.
[مسجد القبيح]
ومنها: المسجد اللاصق بجبل أحد على يمينك وأنت ذاهب إلى الشعب الذي فيه المهراس، وهو صغير قد تهدم بناؤه.
قال الزين المراغي: ويقال: إنه يسمّى مسجد القبيح.
قلت: وهو مشهور بذلك اليوم، ويزعمون أن قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجالِسِ الآية [المجادلة: ١١] نزلت فيه، ولم أقف على أصل لذلك.
وقال المطري: يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى فيه الظهر والعصر يوم أحد، بعد انقضاء القتال، وكأنه لم يقف فيه على شيء.
وقد روى ابن شبة بسند جيد عن رافع بن خديج أن النبي صلى الله عليه وسلم صلّى في المسجد الصغير الذي بأحد في شعب الحرار على يمينك لازق بالجبل.
[مسجد في ركن جبل عينين]
ومنها: مسجد في ركن جبل عينين الشرقي على قطعة منه، وهذا الجيل كان عليه الرّماة يوم أحد، وهو في قبلة مشهد سيدنا حمزة رضي الله تعالى عنه، وقد تهدم غالب هذا المسجد.
قال المطري: يقال: إنه هو الموضع الذي طعن فيه حمزة رضي الله تعالى عنه.
قلت: وكذا هو مشهور اليوم، وقد ذكر المجد هذا المسجد والذي بعده وقال: ينبغي اغتنام الصلاة فيهما؛ لأنهما لم يبنيا إلا علما للزائرين، ومشهدا للقاصدين، وقول من قال إن الأول طعن مكانه حمزة والثاني صرع فيه فوقع لم يثبت فيه أثر، وإنما هو قول مستفيض.
ثم قال: ويذكر بعض الناس أن المسجد الأول- يعني هذا- كسر في مكانه ثنيّة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ما كان من ابتلاء الله تعالى صفيه وخليله عليه الصلاة والسلام، كل ذلك مقالات يذكرها أهل المدينة لم يرد بها نقل.
قلت: وكلامه وكلام المطري صريح في أنهما لم يقفا على ما جاء فيه.