الباب السادس في آبارها المباركات، والعين، والغراس، والصّدقات
التي هي للنبي صلى الله عليه وسلم منسوبات، وما يعزى إليه صلى الله عليه وسلم من المساجد، والمواضع التي صلّى فيها في الأسفار والغزوات، وفيه خمسة فصول:
[الفصل الأول في آبارها المباركات]
ورتبتها على حروف المعجم، معتمدا للأول فالأول من الاسم الذي تضاف إليه البئر، وختمته بتتمة في العين المنسوبة للنبي صلى الله عليه وسلم، والعين الموجودة اليوم، وغيرهما:
بئر أريس- بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون المثناة التحتية وإهمال آخره- نسبة إلى رجل من يهود يقال له أريس، ومعناه بلغة أهل الشام الفلّاح.
روينا في صحيح مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه أنه توضأ في بيته، ثم خرج فقال: لألزمنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولأكوننّ معه يؤمى هذا، فجاء إلى المسجد، فسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: خرج، وجّه هاهنا، قال: فخرجت على أثره أسأل عنه، حتى دخل بئر أريس، قال: فجلست عند الباب وبابها من جريد حتى قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته وتوضأ، فقمت إليه فإذا هو قد جلس على بئر أريس وتوسّط قفها «١» وكشف عن ساقيه ودلّاهما في البئر، قال: فسلمت عليه، ثم انصرفت فجلست عند الباب، فقلت:
لأكوننّ بواب رسول الله صلى الله عليه وسلم اليوم، فجاء أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فدفع الباب فقلت: من هذا؟ فقال: أبو بكر، فقلت: على رسلك، قال: ثم ذهبت فقلت يا رسول الله هذا أبو بكر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة، قال: فأقبلت حتى قلت لأبي بكر رضي الله تعالى عنه: ادخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبشرك بالجنة، قال: فدخل أبو بكر وجلس عن يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم معه في القف ودلّى رجليه في البئر كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكشف عن ساقيه، ثم رجعت فجلست وقد تركت أخي يتوضأ ويلحقني، فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يأت به، فإذا إنسان يحرك الباب، فقلت: من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب، فقلت: على رسلك، ثم جئت النبي صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه وقلت: هذا عمر يستأذن، فقال: ائذن له وبشره بالجنة، فجئت عمر فقلت: ادخل ويبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، قال: فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في القف عن يساره ودلّى رجليه في البئر، ثم رجعت فجلست فقلت: إن يرد الله بفلان خيرا يعني أخاه يأت به، فجاء إنسان فحرّك
(١) القف: ما ارتفع من الأرض وصلبت حجارته. والمراد حائط البئر.