وقال المطري: إن الوليد لما حج وطاف في المسجد رأى هذا الباب في القبلة فقال لعمر: ما هذا الباب؟ فذكر له ما جرى بينه وبين آل عمر في بيت حفصة، وكان جرى بينه وبينهم فيه كلام كثير، وجرى الصلح على ذلك، فقال له الوليد: أراك قد صانعت أخوالك.
وقد قدمنا من رواية ابن زبالة الإشارة إلى هذا، وقدمنا من روايته أيضا عن عبد العزيز بن محمد أنه كان يسمع عبيد الله بن عمر يقول: لا أماتني الله حتى أراني سدها.
وتقدم أن تلك الخوخة لم تزل طريق آل عمر إلى دارهم حتى عمل المهدي المقصورة على الرواق القبلي.
قال المطري: فمنعوهم الدخول من بابهم، فجرى في ذلك أيضا كلام كثير تقدمت الإشارة إليه، اصطلحوا على سدّ الخوخة من أعلاها في جدار المسجد، وأن يخفضوها في الأرض ويجعلوا على أعلاها في موضع الباب الأول شباك حديد في القبلة، وحفروها كالسرب، فتخرج خارج المقصورة في الرواق الثاني من أروقة القبلة، ولها ثلاث درجات عند بابها في جوف السرب بالمسجد، وهو الطابق الموجود اليوم، وعليه قفل من حديد، ولا يفتح إلا أيام قدوم الحاج للزيارة، قال المطري: وهي طريق آل عمر إلى دارهم التي تسمى اليوم دار العشرة، وإنما هي دار آل عبد الله بن عمر، انتهى.
قلت: وعلى هذا السرب من خارج المسجد باب في جدار المسجد أيضا، وأمامه دهليز يتوصل منه إلى شارع فيه دور كثيرة سنشير إلى بعضها في ذكر الدور المطيفة بالمسجد.
[اتخاذ بعض الناس بابا وسيلة للتدجيل]
وقد اختلقوا لتلك الدور أسماء، حتى قالوا في بعضها: هو بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وبعضها نسبوه إلى فاطمة ابنته رضي الله تعالى عنها. ويتخذ بعض أهل تلك الدور على ما بلغني كحلا في نقرة من الجدار ويقولون للحجاج: هذه مكحلة فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها، ويشيرون أيضا إلى رحا عندهم فيقولون: هذه رحا فاطمة الزهراء، أخبرني بذلك من لبّسوا عليه الأمر وأخبروه بهذه الأكاذيب حتى أعطاهم شيئا. ويجلس عند ذلك الطابق بالمسجد شخص ليس هو اليوم من ذرية آل عمر؛ لأن من كان بيدهم مفتاح هذا الطابق من آل عمر قد انقرضوا، وبقيت منهم زوجة هذا الشخص الذي يجلس عند هذا الطابق، ثم توفيت وتركت أولادا منه، فاستمر المفتاح بيده، فيستنيب من يجلس عند هذا الطابق ويفتحه أيام الموسم، ويقف عنده جماعة يزوّرون الحجاج ويأخذون من الداخلين منه شيئا شبيها بالمكس؛ فإن الجالس عنده لا يمكن أحدا من الدخول منه إلا ببذل شيء يرضيه، وما حال