وقال ابن عبد البرفي الاستيعاب: ذكر الزبير أن مارية ولدت إبراهيم عليه السلام بالعالية في الماء الذي يقال له اليوم مشربة أم إبراهيم بالقف.
وروت عمرة عن عائشة حديثا فيه ذكر غيرتها من مارية، وأنها كنت جميلة، قالت:
وأعجب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت لحارثة بن النعمان، وكانت جارتنا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عامة النهار والليل عندها، حتى قذعنا لها- والقذع الشتم- فحوّلها إلى العالية، وكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشدّ، ثم رزقها الله الولد وحرمناه منه.
قال المجد: والمشربة المذكورة مسجد شماليّ بني قريظة قريب من الحرّة الشرقية في موضع يعرف بالدشت، بين نخل تعرف بالأشراف القواسم، من بني قاسم بن إدريس بن جعفر أخي الحسن العسكري، قال: وذرعته فكان طوله نحو عشرة أذرع وعرضه أقل من ذلك بنحو ذراع، وليس عليه بناء ولا جدار، وإنما هو عريصة صغيرة على رويبية، وقد حوّط عليها برضم لطيف من الحجارة السود، قال: وعلى شمالي المشربة دار متهدّمة لم يبق من معالمها سوى بعض الجدارن، يظن الناس أنه مكان دار أبي سيف القبر. والذي يغلب على ظني أن ذلك بقايا أطم بني زعوراء، فإن الزبير بن بكار قال ما نصه: وكان بنو زعوراء عند مشربة أم إبراهيم، ولهم الأطم الذي عندها، وبنو زعوراء من قبائل اليهود.
قلت: دار أبي سيف القبر التي كان إبراهيم ابن النبي صلى الله عليه وسلم مسترضعا فيها إنما هي في دار بني مازن بن النجار كما سيأتي. وما ذكره في وصف المسجد المذكور قريب مما هو عليه اليوم لكنّ ذرعه من القبلة إلى الشام أحد عشر ذراعا، ومن المشرق إلى المغرب أربعة عشر ذراعا راجحة، وفي جهة المشرق منه شقيفة لطيفة، وبالقرب منه في جهة المغرب نخيل تعرف بالزبيريات وسيأتي أنها المال الذي كان للزبير بن العوّام فتصدق به، وفيه مسجده الآني، والله أعلم.
[مسجد بني ظفر]
ومنها: مسجد بني ظفر من الأوس، ويعرف اليوم بمسجد البغلة، وهو بطرف الحرة الشرقية في شرقي البقيع، طريقه من عند القبة المعروفة بفاطمة بنت أسد أمّ علي رضي الله عنهما بأقصى البقيع، وقد روى يحيى عن جعفر بن محمود بن محمد بن مسلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم «صلّى في مسجد بني معاوية» أي الآني «ومسجد بني ظفر» .
وقال ابن زبالة: إن إبراهيم بن جعفر حدثه بذلك عن أبيه جعفر المذكور، وروى ابن شبة عن الحارث بن سعيد بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم «صلى في مسجد بني حارثة مسجد بني ظفر» .