حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطير، لن أصاب بمثلك أبدا، ما وقفت موقفا قط أغيظ إليّ من هذا، ثم قال: جاءني جبريل وأخبرني أن حمزة مكتوب في أهل السموات السّبع «حمزة بن عبد المطلب أسد الله وأسد رسوله: وأمر به النبيّ صلى الله عليه وسلم فسجّي ببردة ثم صلى عليه فكبّر عليه سبعين ودفنه.
واختلاف الروايات في الصلاة على شهداء أحد مشهور، والذي في الصحيح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في الثوب الواحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشير له إلى أحد قدّمه في اللحد، وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يصلّ عليهم ولم يغسلوا.
ونقل ابن شبة عن عبد العزيز عن ابن سمعان عن الأعرج قال: لما قتل حمزة رضي الله تعالى عنه أقام في موضعه تحت جبل الرّماة، وهو الجبل الصغير الذي ببطن الوادي الأحمر، ثم أمر به النبي صلى الله عليه وسلم فحمل عن بطن الوادي إلى الرّبوة التي هو بها اليوم، وكفنه في بردة، وكفن مصعب بن عمير في أخرى، ودفنهما في قبر واحد.
قال عبد العزيز: وسمعت من يذكر أن عبد الله بن جحش بن رئاب قتل معهما، ودفن معهما في قبر واحد، وهو ابن أخت حمزة أمّه أميمة بنت عبد المطلب.
قال عبد العزيز: والغالب عندنا أن مصعب بن عمير وعبد الله بن جحش دفنا تحت المسجد الذي بني على قبر حمزة، وأنه ليس مع حمزة أحد في القبر.
قلت: ينبغي أن يسلم عليهما مع حمزة بمشهده؛ لأنهما إن لم يكونا معه فبقربه، ولعل المشهد اليوم أوسع من ذلك المسجد، وسبق في المساجد ذكر المسجد الذي بمصرع حمزة رضي الله تعالى عنه، والمسجد الذي في جهة قبلته بطرف جبل الرّماة، وما جاء فيهما.
[عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام]
قبر عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر بن عبد الله، ومن ذكر معهما.
روى مالك بن أنس عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاريين ثم السّلميين كانا في قبر واحد، وكانا ممن استشهد يوم أحد، وكان قبرهما مما يلي السيل، فحفر عنهما ليغيرا عن مكانهما، فوجدا لم يتغيرا كأنما ماتا بالأمس، وكان أحدهما قد جرح فوضع يده على جرحه، فدفن وهو كذلك، فأميطت يده عن جرحه ثم أرسلت فرجعت كما كانت، وكان بين يوم أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة.
وقال مالك: إن عمرو بن الجموع وعبد الله بن عمرو كفنا في كفن واحد وقبر