للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يذوب الملح في الماء» وكذا في مسلم أيضا، وفي فضائل المدينة للجندي حديث «أيما جبّار أراد المدينة بسوء أذابه الله تعالى كما يذوب الملح في الماء» وفي رواية لمسلم «من أراد أهل هذه البلدة بسوء- يعني المدينة- أذابه الله تعالى كما يذوب الملح في الماء» في رواية له أيضا «من أراد أهل هذه البلدة بدهم أو بسوء» ، وروى البزار بإسناد حسن حديث: «اللهم اكفهم من دهمهم ببأس» يعني أهل المدينة «ولا يريدها أحد بسوء إلا أذابه الله كما يذوب الملح في الماء» .

وقوله: «دهمهم» محركا أي: غشيهم بسرعة، وقوله في الحديث قبله «بدهم» بفتح أوله وإسكان ثانيه- أي بغائلة وأمر عظيم، ولذا قيل: المراد غازيا مغيرا عليها.

وفي البخاري حديث «لا يكيد أهل المدينة أحد إلا انماع كما ينماع الملح في الماء» وأسند ابن زبالة عن سعيد بن المسيب أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أشرف على المدينة فرفع يديه حتى رؤي عفرة إبطيه ثم قال: «اللهم من أرادني وأهل بلدي بسوء فعجّل هلاكه» وروى الطبراني في الأوسط برجال الصحيح حديث: «اللهم من ظلم أهل المدينة وأخافهم فأخفه وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين، لا يقبل منه صرف ولا عدل» وفي رواية لغيره:

«من أخاف أهل المدينة أخافه الله يوم القيامة، وغضب عليه، ولم يقبل منه صرفا ولا عدلا» وروى النسائي حديث: «من أخاف أهل المدينة ظالما لهم أخافه الله، وكانت عليه لعنة الله» الحديث، ولابن حبان نحوه، وروى أحمد برجال الصحيح عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة، وكان قد ذهب بصر جابر، فيل لجابر: لو تنحيت عنه، فخرج يمشي بين ابنيه، فنكب، فقال: تعس من أخاف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم! فقال ابناه، أو أحدهما: يا أبت، فكيف أخاف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وقد مات؟ فقال:

سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي» .

[بسر بن أرطاة يغزو المدينة]

قلت: والظاهر أن الأمير المشار إليه هو بسر بن أرطاة.

قال القرطبي: ذكر في رواية ابن عبد البر أن معاوية رضي الله عنه بعد تحكيم الحكمين أرسل بسر بن أرطأة في جيش، فقدموا المدينة، وعاملها يومئذ لعلي رضي الله عنه أبو أيوب الأنصاري- رضي الله عنه! - ففر أبو أيوب ولحق بعلي، ودخل بسر المدينة، وقال لأهلها: والله لولا ما عهد إلى أمير المؤمنين ما تركت فيها محتلما إلا قتلته، ثم أمر أهل المدينة بالبيعة لمعاوية، وأرسل إلى بني سلمة فقال: ما لكم عندي أمان ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله، فأخبر جابر، فانطلق حتى جاء أم سلمة زوج النبي صلّى الله عليه وسلّم فقال لها: ماذا ترين فإني أخشى أن أقتل، وهذه بيعة ضلال، فقالت: أرى أن

<<  <  ج: ص:  >  >>